تجاوز تناقضاتك

آراء

تجاوز تناقضاتك، وكن واحداً، كن في الصفاء، كن في مركز الدائرة، ولا تخرج باتجاه المحيط، حتى لا تسقط في الهامش. دع قلبك مثل الوردة، يهفهف فرحاً، ولا تدعه مثل الجناح يرفرف مرتجفاً. عندما تكون في خضم التناقض، تصبح شيئا من الأشياء التالفة، شيئا بلا معنى ولا مغزى، ولا هوية. هويتك في واحديتك، في فردانيتك، في وجودك على قمة الجبل، لا في الحضيض. الحب وحده، يصفيك، ويبرزك، ولا يخفيك، الحب وحده يرفعك، ولا يدفعك إلى قعر الحياة، الحب مثل النسيم، يحيي خلاياك ولا يتلف أوراقك.

عندما تكره، تصبح أنت في وسط العاصفة، تكون ورقة تالفة، تكون حكاية سالفة، عليها من الغبار، ما يجعلها، باهتة لا معنى لها ولا قيمة. التناقض، يسلبك ذاتك، يجعلك، خارج السرب، في زحمة الفراغ، التناقض يجعل تفكيرك، مثل غثاء السيل، فيه من النفايات، ما يكدر ماءه، ويغشي صفاءه، التناقض، يحرمك من السير في الطريق من دون عصا تتوكأ عليها، كي لا تقع، ويلتهمك التيه.

التناقض يسرق منك رأيك، ويبعدك عن الحقيقة، فتكون مثل الأعمى يبحث عن أشيائه، ولا يجد غير الفراغ. تخيل أنك تعيش الآن في وسط تناقضك، وأنت مقبل على مشروع مهم مثل العلاقة الزوجية، في هذه الحالة كيف يمكنك كسب ود الطرف الآخر، وأنت تتحدث من خلف ستار واق للحقيقة؟! وأنت تغوص في عمق التناقض، سوف تضطر إلى سوق المبررات، لأي خطوة تخطوها، لأن التناقض يفقدك ثقة الآخر، ويجعلك مثل قماشة قديمة، تخبئ في طياتها، الكثير من فضلات الزمن وسوف تحاول وتجتهد لأجل أن تقنع، وأنت كذلك في هذا الموقف، يزداد تناقضك، كلما شعرت، بقنوط الطرف الآخر، وجفوله من بوحك الغامض. أجل تناقضك يجعلك غامضاً وكأنك تحدث الآخر من وراء جدار سميك، كأنك تقذف بكلماتك، وأنت في جوف بئر عميقة. وكلما صددت من قبل الطرف الآخر ازددت إمعاناً في التناقض، وتضاعف جبنك، وارتجفت، واهتزت شخصيتك، التي اعتدت أخذها من إطراء الآخرين وعندما تفقد هذه الميزة، ترتد ثانية، لتناقضاتك، وتهيم في محيطك المدلهم، وتضيع أكثر

تتهشم أكثر، تصبح مثل زجاجة، مهملة، على رصيف قديم، تصبح في اللامعقول، لأنك غرقت في مزيد من التناقض، لأنك، لم تستطع أن تحب غيرك، وجنحت إلى الكراهية، فهي التي ورمت فيك بالون التناقض، ونفخته، وجعلته كتلة هوائية، بليدة، تتحرك إلى اللاشيء.

الحب وحده يجعلك مثل النهر، مهما التهم المحيط ما في جوفه يظل يسيل بالعذوبة ولا يجف، ولا يخفف من مجراه، لأنه هكذا وجد لكي يعطي، ويستمر في العطاء.

كراهيتك هي التي تقول لك: كف عن العطاء، فالآخر لا يستحق، الآخر يستغلك، الكراهية القادمة من الأنا، هي التي توحي لك هذا التقوقع، فالأنا تضيق ذرعاً بالانفتاح على الآخر.

المصدر: الاتحاد