عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«تذهبون.. وتبقى الفطرة!»

آراء

ما أشد تجبّر الإنسان.. خاصة حين يكون ذكراً!

يتناقل القوم ووسائل الإعلام التي تشوهنا أكثر من القناة الرابعة «الإسرائيلية» مشاهد لما تعتبره انتصاراً للذكورة، أو مشهداً طريفاً، أو تضع فيه من الرسائل الإيحائية غير المباشرة ما لا نفهمه.. تتناقل صوراً ومقاطع لإهانة الأنوثة واستعبادها بشكله المتطرف في أقصاه، ما هو الجميل في خبر أن يتزوج أحدهم وتأتي زوجته الأولى لتجلس بجواره وبجوار الزوجة الثانية وتبتسم للكاميرات؟ حتى إذا صدق الخبر الذي حقق أعلى نسب المشاهدة فهل تلك المرأة طبيعية؟!

أنا لا أتحدث هنا إطلاقاً عن قضية التعدد، فذلك مبحث آخر طويل وأحب الاحتفاظ برأيي فيه لنفسي، ولكني أتحدث عن امرأة تعاكس تيار الفطرة فتدعي السعادة لزوجها، والله أعلم بما في القلوب، وتهلل وسائل الإعلام وسفهاؤه (وهم كثر) لهذه الظاهرة.

ما الفرق بين امرأة مثلها وبين من يتصور أمام العدسات وهو يبلع الزجاج أو يمشي على النار؟ كلهم يعاكسون الطبيعة المعروفة للجسد البشري والتفكير البشري والعقل البشري كما خلقها الله؛ لكي يحصلوا على بضعة فلاشات!

هل هناك من هن أنقى فطرة من أمهاتنا؛ أمهات المؤمنين؟ لا أعتقد، لكنهن كن يغرن.. بل وتبلغ غيرتهن من بعضهن حدوداً كبرى خلدها الموروث والتاريخ، فهنا أمنا عائشة – رضي الله عنها – والقصة المشهورة حين أهرقت طعاماً أرسل من إحدى أمهات المؤمنين، وضحك الرسول صلى الله عليه وسلم وقال عبارته الشهيرة: كلوا، غارت أمكم!

لا يكون الاستغراب حين تغار امرأة، أو تغضب لتعديد زوجها، ولكن الغريب كل الغرابة، والمشوه لفطرة المرأة، هو أن يعتبر المجتمع وإعلامه مثل تصرفات المرأة التي تتصور مع زوجها في عرسه طبيعياً! هذه المرأة تحتاج إلى علاج نفسي لا إلى تطبيل ونفاق من إعلام لم يعد يعرف سوى التطبيل والنفاق.

والأمر سيان في تلك الأخبار التي تتحدث عن رجل تزوج اثنتين أو ثلاثاً في اليوم نفسه، والأنكى و(…) أن يقول إنه تزوج واحدة لإرضاء أهله والثانية لإرضاء نفسه.. فبأي نفسية ستعيش معه تلك التي (لإرضاء أهله) وهو يقولها بابتسامة بلهاء لملايين المتابعين!

في عرف قبيلتي، وقد يكون عرفاً جاهلياً، لم يكن يُسمح قبل أعوام بأن يحضر الرجل زفاف أهل بيته من النساء كنوع من درء الحرج ومراعاة للنفوس.. كان ذلك في زمن الجهل، وكان البعض ينتقدونه في حينه، ثم عشنا ورأينا زمن «التنوير» فلم نره يداري نفوس الرجال.. ولا فطرة النساء!

المصدر: الإمارات اليوم