عائشة الجناحي
عائشة الجناحي
كاتبة إماراتية

تعويدهم على العطاء

آراء

تقول إحداهن إنها تزوجت ولا تزال تنظر إلى أن دور والدتها مساندتها وكأنها مسخَّرة لخدمتها فهي التي تسمعها دائماً عندما تكون غاضبة أو تريد أن تشتكي، وهي التي تساعدها عندما تحتاجها لتهتم بأبنائها الصغار، ولكن بعدها تتركها حتى تتمكن من الخروج مع صديقاتها. نسيت أن لهذه الأم قلباً معطاءً وتحتاج أيضاً أن تساعدها ابنتها وتتألم من الحِمل الثقيل على كاهلها من العطاء والتضحيات المستمرة. في يوم يقدر الله أن تموت هذه الأم فتتمنى ابنتها لو أنها تعود لخدمتها وتلبي لها كل ما تحتاجه.

جعل الله طاعة الوالدين بعد الإيمان به فقال: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا». الإسراء:23.

تعويد الطفل على العطاء يعد سلوكاً مكتسباً يتعلمه من خلال تعويده من قبل الوالدين منذ الصغر، وذلك من خلال بعض الواجبات التي تقع على عاتقهم. أولاً لا بد من تقبل الطفل كما هو جميلاً كان أو قبيحاً، كاملاً أو ناقصاً فهم في الأخير نعمة يثابون عليها. ثانياً احترام الطفل والحذر من إهانته لأن ذلك يغرس في نفسه حب الانتقام. ثالثاً الطفل بحاجة للحب والرعاية من قبل والديه ليتجنب الضربات النفسية ولكن من غير إفراط حتى لا يصبح مدللاً لا يتحمل المصاعب.

رابعاً الاهتمام بتربية الطفل الذي لا تقتصر على تعليمه فحسب بل على اتباع تربية الروح التي تقترن بمستوى عالٍ من الأخلاق والسلوك الحسن.

وأفضل الوسائل التي يتعلم منها الطفل حب العطاء هو اتباع القدوة والتي ترتكز عليها السلوكيات الإيجابية من خلال مرحلتين التقليد ومن ثم المشاركة.

«أخبرني وسوف أنسى.. أرني وقد أتذكر.. أشركني وسوف أفهم».

فلو تم إخبار الطفل عن أهمية بر الوالدين مراراً وتكراراً ومن دون أن يرى من الوالدين الاهتمام والحب والرعاية الكافية لوالديهم فقد ينسى أو يتجاهل، وإن رأى هذا السلوك الإيجابي من خلال اهتمام الوالدين قد يطبق ويقلد أو قد لا يحفزهُ أبداً، بينما لو تم إشراكه في إعانة والاهتمام بالوالدين فسوف يعي وينعكس على سلوكه في الكِبر لأنه سيدرك أهمية هذا السلوك فيستمر ويعتاده.

عودوا أبناءكم العطاء واغرسوا فيهم أهمية خدمتكم والاعتماد على أنفسهم في قضاء أمورهم الخاصة ليفهموا معنى بر الوالدين وأهمية رعاية شيخوختهما فيحرصوا أيضاً على طلب ذلك من الزوجة والأبناء، وبذلك تكون قد غرست اليوم ما ستجني ثماره غداً.

المصدر: البيان