ثقافة «الكسل» في بيوتنا!

آراء

قبل أن يظن أحدكم أنني -لا قدر الله- أنطلق من نظرة فوقية أو أنني أزعم المثالية، دعوني أقر أولاً أنني ممن أعنيهم في هذا المقال. نحن -من الآخر- مجتمعات كسولة، ونعيش عالة على العمالة المنزلية الرخيصة. بعض بيوتنا -في الخليج- يعيش فيها من الحشم والخدم أكثر من موظفي قصر من قصور أثرياء أوروبا أو أمريكا. عرفت عائلات غربية ثرية تخجل من أن توظف خدماً في منازلها ليس فقط لأن أنظمة العمل هناك صارمة ولكن أيضاً لأن ثقافة تلك المجتمعات تستهجن اعتماد الأسرة على الغير إلا في حالات استثنائية.

في بعض بيوتنا، في الخليج، يزيد عدد الخدم والسائقين ومربيات الأطفال على عدد أفراد الأسرة. تمشي السيدة أحياناً حاملة ثلاثة هواتف نقالة وخلفها خادمة تحمل حقيبتها وثانية تفتح لها الباب. وبعضنا يستعرض على ضيوفه بعدد “الخدم” و”الخادمات” في منزله.

لست هنا ضد توظيف عمالة منزلية لكنني أتمنى لو نتعلم -وأنا أولكم- كيف نقنن اعتمادنا على العمالة المنزلية. إلى متى وأبناؤنا ينشأون على فكرة “الخدم” الذين يقومون بكل شيء وفي أي وقت؟ كيف نعلم أبناءنا المسؤولية والجدية وهم يرون آباءهم كل ما يفعلونه هو إعطاء الأوامر للشغالات والسائقين والطباخين؟ تلك في ظني أخطر من خطر العمالة الوافدة على تركيبتنا السكانية. نحن -من دون قصد- نؤسس لأجيال تنشأ معتمدة على غيرها حتى في أبسط احتياجاتها. وندربهم -من غير قصد- على النظرة الاستعلائية على كثير من المهام والأعمال.

انظر وتأمل في حال أبناء الدول المتقدمة اقتصادياً: هل ترى كل عائلة تسير وبرفقتها موكب من “الخادمات” و”المربيات” و”المرافقات”؟ أم أن كل فرد في الأسرة يتعلم مبكراً “المسؤولية” فيعتمد دائماً على ذاته حتى وإن كانت ثروة أسرته توازي ميزانية دولة؟ نحن فعلاً بحاجة حقيقية لحوار جاد -داخل كل بيت- حول نمط حياتنا وطرق تفكيرنا واعتمادنا المفرط على عمالة منزلية وافدة تعلمنا الكسل والغرور والاتكالية!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٦-٠٧-٢٠١٢)