محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

ثلاث قمم وكلمة واحدة مرتقبة

آراء

‏سنشهد اليوم في الرياض حدثاً تاريخياً مهماً ستتذكره المنطقة طويلاً وسيتذكره العالم، ففي قلب الجزيرة العربية ستعقد قمتان مهمتان الأولى هي القمة الأميركية الخليجية، والأخرى هي القمة الأميركية العربية الإسلامية، وتأتي هاتان القمتان بعد قمة ناجحة عقدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم أمس، الحضور الأميركي كبير، والحضور العربي والإسلامي أكبر، والملفات على طاولة النقاش مهمة للغاية، وجميع الأطراف جادة وتريد تحقيق إنجاز حقيقي وترغب في طَي صفحة الماضي من العلاقات العربية الأميركية التي تراجعت كثيراً في عهد أوباما، وأصاب تلك العلاقة الشك وعدم الثقة في الحليف التقليدي للعرب.

.

عشرات الدول تحضر القمم على أمل التغيير، ودولة الإمارات تشارك بوفد رفيع المستوى يترأسه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مؤكدة بذلك من جديد وقوفها إلى جانب المملكة العربية السعودية في جهودها لخير هذه الأمة، ومؤكدة كذلك اهتمامها بقضايا المنطقة وسعيها مع دول العالم والمجتمع الدولي لوضع حد للإرهاب والدور الإيراني في المنطقة.

‏نتوقع أن يكون العالم بعد هذه القمم الثلاث في الرياض مختلفاً كثيراً في التعاطي مع كثير من القضايا الخطيرة والحساسة، فسيكون مختلفاً في التعاطي مع الإرهاب، وإيران، والمنطقة الكبرى.

إن التقارب الكبير بين ‏الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بلا شك يصب في مصلحة العرب، والجهد الذي بذله الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي نرى نتائجه أمامنا اليوم، فعقد قمم بهذه الضخامة والانتهاء من الإعداد لها فِي وقت قصير شهادة تميز وتفوق للأمير، وتأكيد لدوره الحيوي والحساس في المنطقة.

في السنوات الأخيرة أكدت المملكة العربية السعودية أنها قادرة على إدارة الملفات الصعبة، وأنها تستطيع أن تقود محوراً عربياً إسلامياً معتدلاً وذا مصداقية وثقة لدى الطرف الآخر، وما انعقاد هذه القمم على أرض المملكة إلا دليل على ذلك، فأي دولة في العالم العربي والإسلامي لا يمكنها إنجاز هذا العمل بهذه السرعة، وهذه الدقة، وهذا المستوى الدبلوماسي والسياسي العالي، وهذا النجاح أغضب حزب الشيطان في المنطقة والمتطرفين وإخوان الإرهابيين في كل مكان، لذا لم يتوقفوا عن التقليل من أهمية زيارة ترامب والتسفيه من النتائج المرتقبة منها.

المهم في هذه المرة وما هو مطلوب من الحليف الأميركي أن يكون في مستوى المسؤولية مع حلفائه وأصدقائه، وبناء على التعاون والمصالح المشتركة يجب بناء علاقة جديدة قوية وراسخة، وأسلوب الكيل بمكيالين أو الظهور بوجهين يجب ألّا يستمر مع الإدارة الحالية، فأساس العلاقة بين الحلفاء مبني على «الثقة» و«الاحترام» وهذا ما كان مفقوداً في عهد الرئيس السابق أوباما.

تعرف إدارة الرئيس ترامب أن العرب يضعون ثقتهم به، ويقدرون اختياره المملكة العربية السعودية لتكون أول دولة يزورها منذ أصبح رئيساً، وهذا أحد الأسباب التي جعلت العرب يتناسون كل التصريحات والتعليقات التي أدلى بها ترامب عن العرب والمسلمين، لذا فإن الكلمة التي سيلقيها اليوم هي كلمة مرتقبة من الجميع وعلى جميع المستويات، ونتمنى أن تكون ككلماته السابقة واضحة ومباشرة تعبر عن مواقفه الحقيقية تجاه هذه المنطقة وقضاياها وتحدياتها، وأن تكون كلمة يتحمل الرئيس كل وعوده فيها، وليس ككلمة الرئيس أوباما في جامعة القاهرة، حيث كان أول من تخلى عن حلفائه في مصر بكلمة واحدة «ارحل الآن».

لا ننتظر خطباً عصماء، وإنما ننتظر كلمات تتبعها قرارات ومواقف لا تتبدل. ولا نشك في أن إدارة الرئيس ترامب تعرف جيداً ماذا يعني أن يحضر رؤساء وقادة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية إلى الرياض ويعرف الرئيس ماذا يتوقعون منه.

المصدر: الاتحاد