سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

جريمة مقصودة وليست خطأ صحافياً!

آراء

ما فعلته مجلة «أريبيان بيزنيس» ليس خطأ غير مقصود يمحوه الاعتذار، ما حدث بعيد عن الصحافة وبعيد عن المهنية، وتوصيفه الحقيقي هو جريمة نشر أخبار كاذبة بسوء نية، هدفها الإضرار باقتصاد الدولة، وتشويه سمعة مدينة دبي، هذه المدينة التي احتضنت المجلة، ووفرت لها البيئة الممتازة لممارسة نشاطها الإعلامي وتحقيق الأرباح، فكان جزاء ذلك تعمد إلحاق الضرر من قبل المسؤولين عن هذه المجلة بسمعة ومكانة دبي الاقتصادية!

من المؤكد أن المسؤولين في المجلة، ومن كتب خبر «إفلاس 51 مشروعاً عقارياً في دبي»، ليسوا حمقى مفصولين عن الواقع، ولا ينقصهم بالتأكيد الذكاء اللازم لمعرفة الظروف الراهنة والتوتر غير المسبوق بين دول المنطقة، وهم يعرفون تماماً أن مثل هذا الخبر له تداعيات سلبية على معنويات المستثمرين، وسيؤدي دون شك، إلى خلق بلبلة في السوق العقارية، والأهم من ذلك أنه ذو تأثير سلبي في سمعة ومكانة دبي، ومن الممكن استغلاله من المغرضين والحاسدين والمعادين، وهذا ما حدث تماماً!

لذلك من المؤكد أن نشر «أريبيان بيزنيس» هذا الخبر الكاذب، المضاف إليه كثير من البهارات المغلوطة وبسوء نية، يجعلنا نتساءل عن دوافع وأهداف المجلة الخبيثة، ومن يقف وراءها، ومن يدفع لها ويمولها، وما علاقة هذه المجلة المستقرة في دبي بقطر؟!

لا أستبعد أي شيء، فما حدث يرقى إلى كونه جريمة مسيئة للدولة، مدفوعة الأجر، فالمعلومات التي استندت إليها المجلة في خبرها المسيء قديمة، وترجع إلى ما قبل عام 2010، وهذا عار مهني على المجلة، إن كانت تعرف المهنية والصدقية، لكن على ما يبدو أن تأثير المال وشراء الذمم أكبر بكثير من تأثير مبادئ الصحافة والمهنية والحياد والنزاهة والصدقية!

المعلومات القديمة تمت «إعادة نشرها»، في هذا التوقيت وبشكل متعمد، بهدف الإساءة والتأثير في سوق دبي العقارية، وكان بالإمكان التأكد بكل سهولة من المصادر الرسمية في دائرة الأراضي والأملاك قبل نشر الخبر، وهذا أبسط مبادئ الصحافة الراقية، إلا أن ذلك لم يحدث!

لدى حكومتنا الجرأة الكافية للإفصاح عن المعلومات في أي وقت، ولم ينكر أحد تعثر عشرات المشروعات في عام 2008، نتيجة الأزمة المالية العالمية، التي عصفت بالعالم كله، وليس بدبي وحدها، وفي عام 2010 جرى حصر جميع المشروعات التي شهدت عمليات بيع على الخريطة، وتقررت إحالة غير الملتزمين إلى المحاكم بمعرفة «أراضي دبي»، وفي عام 2011 منعت دبي إلغاء أو شطب أي مشروع بيع عقار على الخريطة، إلا بعد إعادة أموال المشترين، وفي عام 2012 أطلقت «الأراضي» برنامج «تنمية العقارات» لإعادة المشروعات العقارية المتعثرة، ونجحت في 2014 في إعادة أكثر من 40 مشروعاً بقيمة 10 مليارات درهم إلى السوق، وفي العام الجاري بدأ أكثر من 200 مطور بتشييد أكثر من 400 مشروع، ومن المتوقع أن يتم تسليم أكثر من 80 مشروعاً، مع نهاية العام الجاري!

كل هذه الحقائق تجاهلتها المجلة، وتوقف بها الزمن عند 2010، لتعيد هذه الأيام نشر خبر من تلك السنة، لا يمكننا اعتبار ذلك خطأ غير مقصود، كما لا يمكن اعتباره سذاجة أو قلة معرفة بالمهنية، لا تفسير لذلك سوى سوء النية، والنشر بغرض الإساءة، ولمصلحة أطراف معادية، فالمجلة لا تعدو كونها مشبوهة، ويستخدمها البعض كبوق للتضليل، لذا الإمارات ليست بحاجة إلى مجلة من هذا النوع، وهي عموماً مجلة نكرة لا رصيد لها، وليست لها إضافة اقتصادية، وأعتقد أن غيابها لن يؤثر سلباً فينا، بقدر وجودها وتركها تبث السموم بشكل متتالٍ!

المصدر: الإمارات اليوم