طارق إبراهيم
طارق إبراهيم
رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً

جلب ضباط أجانب للعمل في المرور

آراء

في الفترة التي عملت بها رئيسا لتحرير هذه الصحيفة كنت ألتقي بشكل شبه يومي الأخ والصديق الأستاذ لؤي مطبقاني المدير العام لهذه الصحيفة في تلك الفترة.

أبو عبدالله مثقف وقارئ جيد ويملك حسا صحفيا عاليا وواحد من قلة ممن إذا جلست معهم لا تمل سماع حديثهم مهما طال الوقت، إذ يشدك بنقاشه الذي عادة ما يحفل بقراءة واقعية وجميلة لحال مجتمعنا ثم إن أبو عبدالله موهوب في صناعة بعض الجمل والعبارات الخاصة به التي طالما حفزتني لصناعة (مانشيت) صحفي منها، أو توجيه الزملاء لجلب خبر أو إعداد تحقيق صحفي.

تلك الأحاديث الجميلة والجلسات المثمرة تذكرتها، وها أنا أكتب عنها بعد أن اتصلت بالأستاذ لؤي الأسبوع الماضي متحمدا له سلامة أبنائه الذين تعرضوا لحادث سير أدى إلى انقلاب سيارتهم وهم في طريقهم للمدرسة، وكما أسلفت، كان حديثه معي جميلا فأبو عبدالله وهو ينتقد فوضى السير في شوارعنا الداخلية وطرقنا السريعة تساءل قائلا كيف بنا لا نرى أي حرج في استقطاب الآلاف من الأطباء الأجانب ليسهموا في علاج مرضانا بينما نجد حرجا في استقطاب ضباط مرور أجانب ليسهموا في حل مشكلة أعظم من الأمراض، ذلك أن الأمراض في معظمها لها علاج بينما مشاكل السير والمرور تقتل أكثر من ستة آلاف ومئتي شخص في كل عام، عدا المعاقين والمصابين الذين يبلغ عددهم أكثر من خمسة وثلاثين ألفا سنويا.

ويقدم أبو عبدالله مثالا آخر على عدم مبالاتنا بإيجاد حل لوقف الموت في شوارعنا قائلا: كيف نهتم بجلب الخبرات الأجنبية لتعليم عسكريينا على كيفية التعامل مع الأسلحة المتطورة ونرسلهم للخارج لذات الهدف تحسبا لردع من يحاول أن يقتلنا عبر حرب يشنها علينا، بينما نقبل بالتعايش مع عدو يحاربنا يوميا ويقتل منا ويصيب العشرات في كل ساعة ونجد حرجا في جلب ضباط أجانب ليؤدوا دورا مماثلا لما يقوم به الأطباء والخبراء العسكريون الأجانب، فكيف يستقيم مثل هذا المنهج حينما نهتم بالاستعانة بالخبرات ونصرف الملايين للتدريب على موضوع مهم، ولكنه قد يحدث وقد لا يحدث، ونغفل عن موضوع يحدث ومستمر في الحدوث وبسببه يموت أبناء الوطن بأرقام مزعجة ومخيفة ومحزنة.

سؤال الأستاذ لؤي وجيه، والمقارنة التي يطرحها لافتة ومهمة، وأنا أنقل وجهة نظره لعل هناك من يلتفت إليها ويأخذ بها أو يفند سبب رفضها وعدم الأخذ بها.

المصدر: الوطن أون لاين