زكي الصدير
زكي الصدير
كاتب سعودي

جنوبيّون في القطيف

آراء

لا، ليس قليلاً أن يأتي الشعراء من جنوب البلاد لشرقها محمّلين بحقائب مملوءة بالحكايات. فلم يعد هذا الحضور محاطاً بالقصيدة فحسب، إذ تعدّاه لمنطقة أكثر عمقاً وإنسانية وتحدياً من ذلك بكثير! لقد أتوا ليرسموا -منفردين ومجتمعين- نسيج الجسد الإنساني بين أبناء الوطن الواحد بعيداً عن بلادات المرجفين، ونعيق المشكّكين، ونباح الطائفيين الذين لا يتقنون إلا الخراب، ولا يجيدون إلا صناعة الكراهية.

في الشرقية، بين عبدالرحمن الموكلي وعلي الحازمي وإبراهيم زولي وصالح زمانان كانت الحكايات تمتدّ من جازان وقراها حتى ضفاف القطيف، ومن فرسان و”حريدها” حتى جزيرة تاروت و”يامالها”. كانت القصيدة ممتزجة بطين الأرض النجراني الجيزاني الشرقاوي، ومخمّرة بأساطيرها من دارين شرقاً حتى المخلاف السليماني جنوباً. وكأن الوطن باتّساعه استحال في حضرتهم لقرية صغيرة دافئة يتّكئ الأصدقاء على كتف أيامها ليؤكدوا للعالم كلّه أنه لا أحد بإمكانه أن يسكت صوت الإنسان في دواخلهم، أو أن يمنع هواء الوطن عنهم! إنهم هنا في الشرق ليحملونا معهم للجنوب.

يوماً بعد يوم يثبت الفعل الإنساني أنه قادر على خلق بعد آخر لوحدتنا الوطنية التي عجزت عن خلقها مراكز الحوار الرسمية المنغلقة على نفسها! فقط، اتركوا للناس فسحةً للعناق الفطري دون تدخلكم وستجدون -قريباً- قرية الحسين في فرسان ملاصقة لقرية العوامية في القطيف، وما بينهما إلا طريق مزروعة بالورد. فقط لا تتدخلوا.

المصدر: صحيفة الشرق