حديـث النـاس

آراء

لا حديث يعلو هذه الأيام على الضريبة، فالمجتمع يتساءل كثيراً، والمسؤولون يوضحون أكثر وأكثر، والجميع يترقب التطبيق، ومن عرف بأنه يقع في دائرة التسجيل ذهب للتسجيل حتى لا يتعرض للغرامات، وإن كان لم يفهم بعدُ ما هي القصة.

الخوف السائد ليس بسبب نسبة تلك القيمة المضافة التي ستفرض على الخدمات قبل البضائع والاستيراد، فهي 5 في المئة فقط، فالرسائل النصية تتوالى من كل حدب وصوب، من دوائر الماء والكهرباء إلى مشغلي الهواتف، وسنحتاج سنوات حتى نعتاد على ثقافة الضرائب، فالمسألة ليست مقتصرة على مبالغ مالية تحصل مقابل مشتريات وخدمات واستهلاك وترفيه، إنها منظومة مجتمعية ستغير سلوك الناس، وستنقلهم من حال إلى حال، فقد كنا نتفاخر بأننا المنطقة الوحيدة التي لا تفرض فيها ضرائب، فقط كنا نسمع عن نسبة بسيطة تحصلها دوائر الجمارك على البضائع التجارية، وكان الإعفاء من الرسوم الجمركية يزيد على التحصيل، فقد كانت الحياة «تساهيل» حتى ظهرت بعض الرسوم للوزارات والدوائر، وتقبلها الناس برحابة صدر، فالشهادات والتصديقات والطلبات لا تقدم يومياً.

وزادت رسوم غرف التجارة والبلديات والدوائر الاقتصادية على التراخيص التجارية، ولم يحتجّ أحد عليها لأنها لمرة واحدة في السنة، وبقينا دون ضرائب على ما نستورد أو نصدر أو ننتج أو نسوق أو نبيع، دخلنا في جيوبنا، من الرواتب أو الأرباح، وتحويلاتنا حرة، وحساباتنا لا يشاركنا فيها أحد، وكانت هذه المميزات عامل جذب كبيراً للاستثمارات الأجنبية ورجال الأعمال الذين يبحثون عن بيئة مناسبة، ولهذا لن تطبق «القيمة المضافة» من دول مجلس التعاون الخليجي إلا دولتين هما الإمارات والسعودية اللتان عملتا على إصدار القوانين وتشكيل الهيئات المسؤولة عن التطبيق، وحاولتا جاهدتين توضيح الأمور للناس، بينما الدول الأربع الأخرى تراخت وترددت حتى قبل يومين لتعلن أنها لن تطبق ما تم الاتفاق عليه، وبعضها حدد التأجيل لمدة سنة، والبعض الآخر لم يتحدث عن تاريخ، ونحن على ثقة بأن الجهات المعنية ستزيل أي لبس عندنا بعد التطبيق، فهذا نظام جديد، وشراكة جديدة بين الدولة والمجتمع، ولابد من البدء حتى تظهر العيوب وتصحح الأخطاء وتنتظم الأمور.

المصدر: البيان