سعيد السريحي
سعيد السريحي
كاتب سعودي

حفلة موسيقى أم فرصة لجني الأرباح

آراء

حين ظهر وسم على موقع تويتر يتحدث من أنشأه ومن شاركوا فيه باسم الشعب مطالبين بمنع حفلات الغناء والموسيقى رد عليه أكثر من وسم يتحدث كل واحد منها باسم الشعب كذلك مطالبين باستمرار حفلات الغناء والموسيقى، وإذا لم يكن لدى أي من المشاركين في هذا الوسم أو ذاك ما يبرهنون به على أن «الشعب» قد فوضهم للحديث باسمه فإن ما شهدته الحفلات التي أقيمت من إقبال جماهيري كبير والتذاكر التي نفدت للحفلات المزمع إقامتها مبكرا يمكن لها أن تعد مؤشرا واضحا على الرغبة الحقيقية للشعب.

تلك مسألة غير أن ما هذا المقال بصدده مسألة أخرى تتعلق بإرادة الشعب كذلك، ذلك أن الشعب الذي يحترم الفن ويؤمن بدوره في تطوير الذائقة العامة وتنمية الوعي وتعزيز قيمة الجمال، هذا الشعب نفسه من حقه أن تُحترم رغبته تلك ولا تصبح وسيلة لابتزازه وتحويل برامج الترفيه إلى سوق استثمارية يجني من يشرفون عليها ويديرون شؤونها الأموال الطائلة على حساب عشق الشعب للفن، سوق للفن مثلها مثل سوق الذهب والبورصة والعقار وبطاقات سوا وغيرها من التجارب التي ما زال ضحاياها يندبون حظهم العاثر بعد أن طارت الطيور بأرزاقهم هم وليس بأرزاقها.

ولعل خير مثال على ذلك الحفل الموسيقي الذي سوف يحييه الفنان الكبير عمر خيرت والمزمع إقامته في جدة، فقد بلغ السعر الأقل للتذكرة الواحدة ألف ريال، وإذا علمنا أن سعر التذكرة نفسها في القاهرة لا يتجاوز ٣٠٠ جنيه وفي دبي ٣٥٠ درهما، إذا علمنا ذلك عرفنا الفرق بين مؤسسات تعمل على نشر الفن بين الناس ومؤسسات تستثمر الفن لجني الأرباح، ولا يمكن لحفل العشاء الذي وعدت به الجهة المشرفة على حفل عمر خيرت الجمهور أن يبرر هذا الفرق ليس لارتفاع التكلفة فحسب وإنما لإلزام الجمهور بدفع قيمته مع التذكرة، وما كان للعشاء أن يصبح إلزاميا في حفلات الموسيقى لولا أن القائمين على حفل عمر خيرت وجدوا فيه مجالا للربح والتكسب باسم الفن والموسيقى.

المصدر: عكاظ