مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

حكايا العوسج في جنون “العرفج”

آراء

مثل جواد جامح ينطلق في براري مخيلته ليخط دربا خاصا به، وفي إصداره الجديد و”غير الجديد” المعنون بـ”المختصر من سيرة المندي المنتظر”، أعاد الكاتب أحمد عبدالرحمن العرفج ـ بأناقة ـ ترتيب بعض أوراقه ومقالاته المنشورة. وأحسبه يعني ما يعنيه إذا بدأها بمراده من إخفاء تاريخ ميلاده، ليضرب بحنكة أكثر من عصفور بحجر. فالميلاد بداية ومثله المقال، وحكاية يوم ميلاده الضائع رسالة عن بساطة زمن نشأته عبر بدائية أسلوب التأريخ. ثم أكمل الحكاية بقليل من تفاصيل طرائف طفولته، ليبث فينا بأسلوب ساخر حالة العوز التي كان يعانيها غير متحرج من ذلك داعيا الجميع إلى الفعل ذاته.

يغوص العرفج في علل المجتمع وطبائع بعض شخوصه، فيحذر ممن لا ينشرون الأمل والسعادة، وممن ينهبون أفكار الآخرين أو لا يحترمون الوقت، وممن “يتفشخرون” عند منع مقالاتهم من النشر، مؤكدا أن فهم الخطوط العامة، وإدراك شبكات الفهم عند القراء، ومعرفة خط الصحيفة ونَفَسها جزء من مهارات الكتابة.

أبواب سخرية العرفج أكثر من أن تعد، فهو حتى في تصنيفاته للكروش، لا يغفل الغمز من أصحاب “الربا” و”لصوص الأراضي”… ومن أجمل ما فيه أنه يستلذ بالهجوم “المحبب” على ذاته، وهل أدل على ذلك من قوله “أحمد كتابيا هو المختل عقليا”؟

* * *

بقية الحديث:
……. وأما العوسج فهو النبات المعروف، وأما العرفج فهو “عامل المعرفة”. وتكثر وجوه الشبه بين العوسج والعرفج فالأول نبات شوكي فروعه متعرجة ومتداخلة، والثاني يحول كلماته إلى أشواك “ينكش” بها مواطن الخلل عبر سخرية تتداخل فيها الهموم مع الحقائق لتصبح قضايا جادة. وإلى ذلك فإن العوسج والعرفج ينتشران في نجد والحجاز والمناطق الجنوبية والشرقية من السعودية… ولعل الأهم أنهما تقاسما طرق العلاج، فالأول يبرئ أمراض الجسد، فيما انطلق العرفج إلى مختبر حروفه بحثا عما يعالج به أمراض العقول والمجتمعات.

* * *

ما بعد بقية الحديث:
لا أخفي أني وجدت كثيرا من مقالات العرفج مختلفة عما انطبع في الذهن من قراءة سابقة لها، فمن يجالس العرفج يكتشف الجميل من خصاله. وهو على الرغم من “جنون” المعرفة لديه، إلا أنه يسكب أحاديثه العميقة بطريقة مرحة، حتى لتخالها في البدء مجرد تهويمات، وإذ تتفكر بها تجدها عصارة تجربة حياة بكل ما فيها من ألم وأمل، والأهم أن النقاء الكامن داخله ينساب إلى من حوله ليبعث الطمأنينة، فتشعر أن العالم ما زال بخير.

المصدر: الوطن اون لاين