عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

خدمات الطرق… وقرار الانتشال

آراء

في جلسته قبل الأخيرة وافق مجلس الوزراء على توصية اللجنة الوزارية المختصة بشأن تحسين وضع مراكز الخدمة، ومحطات الوقود على الطرق الإقليمية تنفذ خلال مدة سنتين قابلة للتمديد، هذا القرار يأتي لمعالجة قضية طالما كتب وطالب الكثير من الكُتّاب والمواطنين تحسين أوضاعها المزرية التي تعطي صورة سلبية عن وطننا ولا تعكس الوجه الحضاري لنا جميعاً.

مثل هذا القرار، ولو أنه أتى متأخراً جداً، إلا أن المعاناة التي يتحملها المسافرون على هذه الطرق تعكس ما وصلت إليه حال هذه الخدمات المقدمة فيها من سوء وعدم رقابة وفوضى تجعل من يسلك هذه الطرق يفضل عدم الوقوف في تلك المراكز فقط لحاجة الضرورة القصوى، ففي معظم دول العالم الأقل تطوراً اقتصادياً وحضارياً منا عندما تقبل على مراكز الخدمات في طرقها تغريك بالتوقف فيها وقضاء وقت مريح لوجود معظم الخدمات في تلك المراكز الخدمية من أسواق منظمة ومطاعم نظيفة لا تقل عما هو موجود في المدن، إضافة إلى فنادق صغيرة تتوفر فيها جميع الخدمات وعلى مستوى عالٍ من النظافة وبأسعار معقولة، ومن يقوم عليها كوادر بشرية مدربة، وليس كما هي حال استراحاتنا لا يقوم على معظمها إلا عمالة أجنبية بعيدة من الرقابة من الجهات ذات العلاقة.

من حقنا أن نحلم بعد صدور هذا القرار بوجود مراكز خدمات على طرقنا السريعة، كما في بعض الدول الخليجية، ونأمل ألا يطول انتظارنا لمشاهدة هذه النقلة على طرقنا السريعة، فلا عذر بعد الآن للجهات المسؤولة عن تطوير هذه المراكز، فالدعم أتى من القيادة وعليهم الشروع في التنفيذ الفعلي، فالقضية ليست باختراع منتج جديد فقط العمل والمتابعة الجادة بعد ذلك، وأعتقد أن هذا المجال في حال إخراجه بالشكل الصحيح سيكون جاذباً للاستثمار فيه، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد.

المملكة بمساحتها الكبيرة، وبوجود الأماكن المقدسة وتنوعها الجغرافي الغني من شواطئ وصحارى وجبال، هي بالفعل وجهة رئيسة لملايين الزائرين، سواء من الخارج أو المسافرين في داخل البلاد، وبوجود مراكز خدمية ومحطات وقود منظمة من ناحية السلامة، ستكون نقاط جذب لمن يستعمل طرقنا البرية التي ستحمل انطباعات إيجابية عن البلد بأكمله، وليس كما هي الحال من بعض الكتابات في استراحات الطرق من بعض الزوار والمواطنين في تلك المراكز التي تعطي انطباعاً وكأنها سجون رديئة المستوى.

هل من حقنا أن نحلم بوجود مراكز خدمات في طرقنا تكون ذات شكل موحد، نلمحها من مسافة بعيدة، ونفرح عندما نتوقف بها مع أطفالنا وعائلاتنا، وحبذا لو تكون الشركات المستثمرة فيها، أو حتى الأفراد يكون لهم خطوط محددة، مثل طريق الرياض – الشرقية تكون لشركة محددة، وطريق مكة – المدينة لشركة أخرى، حتى نستطيع معرفة جودة الخدمة من هذه الشركات ونكتشف الخلل في الأخرى الأقل كفاءة وهكذا، وحبذا أن يكون تصميم هذه الاستراحات له علاقة بالبيئة العمرانية لكل منطقة يمر بها الخط السريع، ونتمنى أن يكون في هذه الاستراحات دورات مياه في أكثر من مرفق، وألا تكون فقط في المساجد التي حالها في الوضع الحالي لا يسر الصديق، ونتمنى أن يكون هناك خدمات بنكية «صرافات» في كل مركز خدمي، إضافة إلى اشتراطات السلامة بين مجمع الخدمات ومحطات الوقود.

هذا القرار في حال تنفيذه سيكون نقلة نوعية على السياحة الداخلية في المملكة، خصوصاً أنه بسبب مشكلات النقل الجوي لدينا، وعدم وجود شبكة من الخطوط السكك الحديد، فالغالبية من المواطنين يستخدمون التنقل بالخطوط البرية، وفي حال تطوير هذا القطاع سيشجعهم أكثر للوصول إلى المناطق السياحية في مناطق المملكة التي هي بحاجة إلى تطوير.

المصدر: صحيفة الحياة