خطأ لغوي!

آراء

لدينا أجندة وطنية للغة العربية، ومن أهدافها تأصيل عملية التعليم والتعلم، وترسيخ الهوية، ونشر لغة الضاد بين غير الناطقين بها، ووجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بإطلاق تقرير علمي، يرصد حالة لغتنا ومستقبلها، وتطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها.

وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، ستتولى إعداد التقرير الذي يصدر العام المقبل، ويعتمد على بيانات لمجموعة من الخبراء والباحثين من جامعات محلية وإقليمية، وهذا جهد أساسي لبناء قاعدة معلومات، توجه الخطط والتصورات، وما ينبغي عمله في الحفاظ على التراث اللغوي، وتنشيط حركة التعريب، وترجمة الكنوز الإبداعية العربية إلى اللغات العالمية، وتتصدى الوزارة لهذا الدور بفاعلية وحرص، وتحضر في «المجلس الاستشاري للغة العربية»، وتقود مجمل السياسات الساعية إلى إثراء لغتنا بالدراسات العلمية والفكرية.

هذا على مستوى السياسات، لكن جهات أخرى في الدولة مطالبة بتدابير سريعة، لمعالجة مظاهر واختلالات تواجه اللغة العربية في التخاطب العام في أكثر من مؤسسة وشركة ومرفق حيوي في الدولة، ويقع ذلك في صلب عمل البلديات ودوائر التنمية الاقتصادية، والهيئات والدوائر الحكومية المسؤولة عن التراخيص في القطاع الخاص، والأمثلة كثيرة.

لدينا شركات أجنبية وعربية ومحلية أيضاً، تعمل في قطاع الخدمات، ولا تجد ضرورة لتوفير خيارات الاتصال باللغة العربية، اعتماداً على أن الغالبية العظمى من مواطني الدولة ومقيميها، يتحدثون الإنجليزية، بمستوى معين، وهذه مقاربة سطحية، مع الأسف، وربما تعلّقت بدوافع ربحية، والاستغناء عن تعيين متحدثين بالعربية، على أن الأمر يتعلق بهوية دولة، تعتز بعروبتها وإرثها الثقافي، والإمارات من أكثر الدول حرصاً على لغة الضاد، ووجود متحدثين بها في شركات القطاع الخاص يُضفي بعداً معرفياً على مفهوم المسؤولية الاجتماعية، من ناحية أخرى.

غير ذلك، فالأخطاء اللغوية في اللافتات، وفي أسماء البضائع في المراكز التجارية الكبرى، منتشرة على نطاق واسع، وتثير تندراً على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما هي تشير واقعياً إلى ضآلة اهتمام، وقلة حرص على اللغة، ومن ذلك أيضاً، عدم وجود قوائم طعام بالعربية في كثير من المطاعم العالمية، والفنادق المنتشرة في الدولة.

الخطأ المقصود أو النابع من إهمال أو عدم اكتراث لا مسوغ له أبداً، ولا يمكن اعتباره مجرد خطأ لغوي، خصوصاً أن تعليمات ولوائح كثيرة، صدرت في السنوات الأخيرة، ألزمت القطاع الخاص بالحفاظ على العربية، لكن المتابعة لم تكن كافية، لتثبيت حضور لغتنا في مختلف مظاهر الحياة، وآن الأوان أن نراها قوية وعفية وجميلة، كما يليق بها وبنا.

المصدر: الاتحاد