عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

خطة الثوار من الحدود إلى العاصمة

آراء

أمس.. نجح الثوار السوريون في اختراق مبنى قيادة الأركان وسط العاصمة، وكانوا قبلها بأسبوعين هاجموا المقر العام شديد الحراسة لنفس المؤسسة العسكرية، وسبقها أهم عملية عندما وصل الثوار إلى داخل مبنى الأمن القومي وفجروا قاعة الاجتماعات التي ضمت نخبة القادة الأمنيين والعسكريين.

هذه العمليات النوعية المتكررة تكشف عن أمرين، الأول تعاظم قوة الجيش الحر، والثاني يكشف كيف أصبح النظام مخترقا من داخله، وأن قادة وأفرادا يتطوعون لمساعدة الثوار في التآمر ضد نظامهم في كل أنحاء سوريا. وعندما قال الرئيس السوري، بشار الأسد، في حديثه التلفزيوني الأخير، مطمئنا أتباعه، إنه يتحدث من داخل القصر الجمهوري في دمشق، أي أنه لم يختبئ كما أشيع، فالأرجح أنه صادق، لكن هذا يعني أن كل ما وراء أسوار القصر لم يعد آمنا. فوزراء النظام وقادته اختفوا تماما، إلا من صور أرشيفية قديمة يعاد تكرارها على وسائل الإعلام.

والحرب طاحنة يوميا بين قوات النظام وقوات الجيش الحر في أنحاء سوريا، حيث انقلبت اللعبة، ولم يعد الجيش يطارد الثوار، بل الثوار هم الذين يهاجمون الجيش في معارك منظمة مخطط لها. كتائب الجيش الحر هاجمت في وقت متزامن منافذ الحدود السورية، واستولت عليها جميعا باستثناء معبر واحد مع العراق في المنطقة الكردية، ما عداها، مثل البوكمال، واليعقوبية، وباب الهوا، وباب السلام، كلها سقطت في يد الثوار. الهدف هو خنق النظام بحرمانه من الدعم النفطي والعسكري، وخصوصا الذي يأتيه من إيران والعراق، عبر الثاني. وصار الثوار في الشمال يتحكمون في الحدود ويمنحون سمة الدخول للعابرين كأي حكومة شرعية، ونفوذهم يمتد برا إلى حدود مدينة حلب. كما يحاول الثوار خنق النظام داخليا، بقطع إمدادات الغاز والبترول، ليس بمهاجمة مراكزها مثل محطات الكهرباء أو المصافي، بل بضرب الأنابيب وخطوط الإمداد.

في المقابل، مني الجيش الحر؛ لأنه من دون صواريخ ودفاعات أرضية، بخسائر كبيرة، نتيجة استخدام قوات النظام المروحيات والطائرات المقاتلة التي تسببت في تهجير نحو نصف مليون سوري من المدن والأرياف. لهذا غير الجيش الحر خطته بالهجوم على المطارات وكليات التدريب وحظائر الطائرات. هاجم الثوار في وقت متزامن قاعدة أبو الضهور الجوية في إدلب، وقاعدة البوكمال في دير الزور، وقاعدة رسم العبود التدريبية في محافظة حلب، التي يستخدمها طلبة الكلية الجوية للتدريب. وكانت هناك محاولات لم تنجح في الاستيلاء على قواعد جوية حاسمة بما فيها تلك التي في محيط دمشق وحلب، مع هذا تمكنت من تعطيلها.

من خطة إغلاق الحدود، التي نجحت في خنق النظام برا، إلى الهجوم على مطارات وقواعد البلاد ومستودعات السلاح، صار العالم يعرف أن قوات الأسد حتى بعد استخدام الأسلحة الثقيلة، الطيران والمدافع والدبابات، فشلت في وقف تقدم الجيش الحر. فالثوار الذين سارعوا للهجوم على دمشق، مدركين أن سقوطها سيكون سقوط النظام بالضربة القاضية، ربما لم ينجحوا في المحاولة الماضية، لذا فهم الآن يعيدون المحاولة ضمن خطتهم التي أطلقوا عليها اسم «بركان دمشق وزلزال سوريا». ويبدو أنهم سيجعلون دمشق هدفهم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وخصوصا إن تمكنوا من استخدام صواريخ ومضادات للطائرات استولوا عليها مؤخرا.

سياسيا، صار موقف الأسد وحلفائه ضعيفا أكثر من أي وقت مضى. فالروس كانوا يسخرون إلى فترة قريبة قائلين: لماذا أنتم قلقون.. النظام قوي في سوريا! أما الآن، فلا أعتقد أنهم يتجرأون على ترديد هذا الكلام.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط