سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

خطوة رائعة وجريئة نحو الحل الأمثل

آراء

خطوة جريئة، بل هي رائعة في جرأتها، وفي الهدف منها، تلك الخطوة التي قام بها مجلس الشؤون الاستراتيجية في دبي، حيث ناقش أبرز عوامل ارتفاع كلفة ممارسة الأعمال في دبي، وهذه الخطوة، من دون شك، بداية مهمة لحل مشكلة بدأ يعاني منها مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية، ولاشك أن تأثيراتها وصلت أيضاً للقطاعات والشرائح الاجتماعية المختلفة في دبي، والاعتراف بالمشكلة، من قبل مجلس مهم يتبع للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، هو أول خطوة في اتجاه الحل وتصحيح المسار!

غرفة تجارة وصناعة دبي أعدت دراسة حول ارتفاع كلفة ممارسة الأعمال في دبي، وكشفت من خلالها أن القوى العاملة والإيجارات هما أبرز عاملين أسهما في ارتفاع هذه الكلفة خلال العامين الماضيين، ويبدو أن هذا الاستنتاج صحيح، ولكن السؤال الأهم هو: ما الذي جعل القوى العاملة والإيجارات ترتفعان بشكل كبير وغير معقول خلال السنوات الماضية؟ وما المتغيرات التي طرأت على السوق؟ وما الجهات التي أسهمت بشكل أو بآخر في ارتفاع هذه الكلفة؟ هل هي شركات القطاع الخاص أم الجهات الحكومية أم الاثنان معاً؟ وكيف يمكن خفض الكلفة لضمان استقرار السوق واستمرار الأعمال وبقاء المستثمرين وضمان التنافسية واستقطاب رؤوس الأموال؟

بداية، يجب أن نعترف بأن أهم سبب لارتفاع كلفة الحياة في دبي، لا يكمن في القوى العاملة أو الإيجارات، كما خلصت الدراسة، إنما في غياب التشريعات والأنظمة التي تضبط السوق، وتحافظ على مستوى عادل من الإيجارات، وتنظم القوى العاملة بشكل مقبول، وبسبب غياب هذه التشريعات، أو ضعفها، استغل كثير من الشركات والملاك والتجار الوضع لرفع كلفة البناء ثم الإيجارات، وارتفاع هذين القطاعين أسهم بشكل مباشر في رفع كل القطاعات الأخرى، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببعضها بعضاً، وفي دبي تحديداً، هناك شيء ما يخفى علينا يجعل كلفة البناء فيها أعلى بضعف، وأحياناً بضعفين، من بقية إمارات الدولة، مع أن دبي وجهة رئيسة لمواد البناء، وهي الموزع الرئيس لبقية الإمارات، والخليج بشكل عام، لكن بناء فيلا أو بناية سكنية في دبي، أعلى بكثير من بنائهما في أي من إمارات الدولة، أو ربما بقية دولة الخليج!

ولعل السبب الآخر الذي أسهم في رفع كلفة الأعمال بدبي يرجع بشكل مباشر إلى الدوائر المحلية، فلقد بالغت في السنوات الأخيرة في تنافسها المحموم لتحصيل رسوم مباشرة من المعاملات والإجراءات والمخالفات، وبشكل أسهم بشكل مباشر في نفور بعض الشركات الكبيرة، وإرهاق الشركات المتوسطة والصغيرة، وخروجها من السوق، هذه حقيقة يجب أن نعترف بها حتى نعالجها، ولاشك أن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي ترجمها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، على شكل أمر لجميع دوائر دبي بعدم فرض أي رسوم جديدة خلال السنوات الثلاث المقبلة، جاء ترجمة لما تعاني منه القطاعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، ولاشك أنه سيسهم بشكل سريع في عودة الجاذبية لسوق دبي، وسيؤدي إلى استقرار اقتصادي عام سنشهد نتائجه من دون شك خلال الأشهر المقبلة.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وسمو الشيخ حمدان بن محمد، وضعا أولى خطوات الحل في قرار منع الرسوم الإضافية، ومجلس الشؤون الاستراتيجية، برئاسة سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد، وضع الخطوة التالية، وهي جمع وتحليل البيانات، والتعرف إلى مختلف الآراء من القطاعين الخاص والعام، والأهم من ذلك هو مراجعة أكثر من 3800 تشريع اتحادي ومحلي لتحديد المشكلة، وتقييمها، ووضع الحلول لها، وأعتقد أن هذه الممارسة في حد ذاتها إنجاز شديد الأهمية لاتخاذ القرارات بشكل علمي مدروس من جهة عُليا، بدلاً من الاعتماد على مسؤولين تنفيذيين تغيب عن أعينهم في الغالب الصورة العامة، والمصلحة العامة الكبيرة، وينحصر تفكيرهم في مصلحة دوائرهم الصغيرة!

المصدر: الإمارات اليوم