سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

داخل أسوار ويندسور!

آراء

زيارة تاريخية بمعنى الكلمة، تلك التي قام بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، إلى بريطانيا، بناء على دعوة من جلالة الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا، فهي لم تكن أبداً زيارة عادية، فكل تفاصيلها تدل على أهمية دولة الإمارات لدى المملكة المتحدة، وتعكس مدى عمق علاقات الصداقة المميزة بين البلدين، التي تمتد إلى ما قبل تأسيس دولة الإمارات بسنوات طويلة جداً.

الملكة إليزابيث لم تخفِ ذلك، ومزجت أحاسيسها الشخصية بالرسمية في كلمتها بمناسبة زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، خلال مأدبة الغداء التي أقامتها في قصر ويندسور، حيث قالت: «أتذكر أنا والأمير فيليب ـ بشغف كبير ـ زيارتنا إلى الإمارات عام ‬1979، وكذلك زيارتنا الأخيرة عام ‬2010، وقد أثارت إعجابنا العادات والتقاليد الإماراتية، التي تتميز بالدفء وحسن الضيافة».

ولم تكن كلمة الملكة، فقط، هي المؤشر الوحيد إلى أهمية الزيارة، وأهمية ضيف المملكة الكبير صاحب السمو رئيس الدولة، بل كان هناك كثير من المؤشرات السابقة التي تؤكد ذلك، ففي «البروتوكول» والتقاليد الملكية البريطانية العريقة، والتي تضرب بجذورها عبر تاريخ طويل ممتد ومتواصل منذ مئات السنين، لكل حركة مغزى، ولكل خطوة دلالة، وفي كل شيء إشارة إلى شيء آخر، لا تترك الأمور للصدفة أبداً، فالدقة بل الدقة الفائقة، هي أهم مميزات البروتوكول البريطاني، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بجلالة الملكة.

ملكة بريطانيا عادة ما تستقبل رئيسين فقط في كل عام، ومن توجه إليه دعوة شخصية من الملكة لزيارة رسمية إلى بريطانيا، لابد أن تكون دولته لها علاقات واسعة وطيبة، وسمعة عالمية، وحجم مؤثر في العلاقات الدولية، ليس هذا فحسب بل حتى مكان استقبال الملكة للرؤساء له دلالة، فمن تستقبله في قصر ويندسور حيث تقيم، يعني أنه ضيف فوق العادة، وله أهمية أكبر بكثير من الرؤساء الذين تستقبلهم في قصر بيكنغهام بالعاصمة لندن.

وهذا ما كان خلال استقبالها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، حيث خرجت من قصر ويندسور لاستقباله عند مدخل المدينة، ثم استقلت معه العربة الملكية عابرة طرق وشوارع المدينة، إلى داخل القصر الملكي الذي يعد مقر إقامتها، أو بمعنى أدق «بيتها»، وعند دخول العربة الملكية إلى القصر، قال لنا كبير مسؤولي القصر، وهو يبتسم: «من تفعل معه الملكة ذلك، فهذا يعني أنه مهم جداً بالنسبة لها ولبريطانيا».

كان مشهداً مهيباً، وموكباً ملكياً مذهلاً في كل تفاصيله، في تشكيلات الخيالة الملكية، والاستعراضات الموسيقية عبر فرق تقليدية بالزي العسكري البريطاني الشهير، والخيول التي تجر المدافع، وصوت المدافع التي تؤدي تحيتها الشهيرة عبر إطلاق ‬21 طلقة، كل ذلك في قصر تاريخي عريق، يزيد عمره على ‬900 عام، حيث تم تشييده عام ‬1066، وتوافد عليه مئات الملوك، ومرت عليه أحداث تاريخية مهمة في تاريخ هذه المملكة العريقة، وتشرف اليوم بدخول صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، وفي باحته الرئيسة عزف السلام الوطني لدولة الإمارات، ورفعت أعلام الدولة فيه، وحوله، وفي كل أرجاء ويندسور.

بالتأكيد كل ذلك يعكس مدى السمعة الطيبة لدولة الإمارات، ودورها المحوري في المنطقة والعالم، وأثرها المتميز في التعامل مع الجميع، وفق سياسة خارجية أسسها المغفور له الشيخ زايد، ويسير عليها اليوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، حفظه الله!

المصدر: الإمارات اليوم