رؤية في مجال النفط

آراء

النفط سلعة رئيسية تؤثر في تذبذبها السعري ظروف سياسية واقتصادية ولكن في نطاق أدنى وأعلى سعر والذي هو محكوم بقانون العرض والطلب مهما حاولت الظروف السياسية التأثير عليه. في عام 2009م في مقال نشر بجريدة الرياض www.alriyadh.com/405176 ذكرنا أن البترول قد أسس لأدنى سعر عند حدود 38 دولارا أميركيا للبرميل بعد التأسيس لأعلى سعر عند 147 دولارا في عام 2008م وأن السعر العادل يقع في المنتصف بين أعلى وأدنى سعر وهو ماتحقق خلال الفترة مابين 2009 إلى 2014م، وقبل أكثر من عام ذكرنا في مقال نشر بجريدة الرياضhttp://www.alriyadh.com/1011776 أن معدل سعر البترول لن يذهب بعيدأ عن الحد الأدنى الذي أشرنا إليه في عام 2009م وهو ماتحقق إلى الآن وقد نرى قريباً عودة الأسعار إلى مستوياتها العادلة في حدود ثمانين دولارا وبحكم أن المملكة أكبر مصدر ولديها أكبر احتياطي في العالم واتهمت بأن لها دورا في انخفاض الأسعار فإنه يجب علينا عدم السماح للمضاربين برفع الأسعار إلى مستويات بعيدة عن السعر العادل والذي يترتب عليه انعكاسات سلبية على السوق وعلى الاقتصاد العالمي والذي نحن جزء مهم منه ونتأثر به بشكل مباشر، وأن يكون ذلك في صلب السياسات المرتبطة بالرؤية الاقتصادية للمملكة.

المضاربة في الاسواق المالية هي جزء محرك ومهم لعمل هذه الاسواق، لكن ان تصل قدرة المضاربين الى درجه التحكم في حركة السعر ارتفاعاً او انخفاضاً فان هذا سوف يكون له اثار سلبية على المنتجين في حالة انخفاض الاسعار وعلى المستهلكين في حالة ارتفاع الاسعار حيث يقوم المضاربون بحجب كميات عن السوق عند توجههم لرفع الاسعار او اغراق السوق عند توجيه الاسعار للانخفاض، والمشلكة ان هؤلاء المضاربين غير منتجين او مستهلكين، لذا فانه مهم العمل على تحجيم قدراتهم في التأثير على الاسعار.

المضاربون في الغالب يعملون او مدعومون من جهات متنفذة وذات قدرات مالية هائلة، ولكن نعتقد ان سياسات الدول المصدرة وخصوصاً دول الخليج بالتركيز على التعامل مع كبار المستوردين، خلق ثغرة للمضاربين في حاجة صغار المستوردين وهم كثر للاعتماد عليهم في تأمين الامداد من النفط الخام وبالاسعار التي يحددونها. يضاف الى ذلك دور الجهات الماليه التي تقف وراء هؤلا المضاربين في اصدار بيانات او توقعات مضللة للتأثير سلباً على المنتجين في اغلب الاحيان، مثل الترويج لانخفاض الطلب على البترول وهذا عكس الواقع الذي تثبته البيانات وهو ان الطلب على البترول في ارتفاع مستمر وسوف يتجاوز المئة مليون برميل يومياً في السنوات القليله القادمة مع نمو متواضع جداً في القدرات الانتاجية للمنتجين الحاليين، ومما يروج له المضاربون ومن يقف وراءهم ان الاقتصاد العالمي في مرحلة كساد، وهذا غير صحيح وانما يمر بمرحلة تباطؤ طبيعي بعد نمو كبير في العشر سنوات الماضية حيث وصل الناتج المحلي لدول العالم GDP الى 78 تريليونا في عام 2014م مقارنة بمبلغ 51 تريليونا في عام 2006م مما يعني تحقيق نمو باكثر من 52% في ثماني سنوات وفقاً لبيانات البنك الدولي، ويتعمد للتضليل في هذا الجانب ان دول مثل الصين والهند تشهد معدلات نمو اقل من معدل النمو في العشر سنوات الاخيرة وهذا غير صحيح قطعاً فالنمو بمعدل 5% حاليا في اقتصاديات نمت بشكل كبير في السنوات الاخيرة هو بالتأكيد اكثر في قيمته من معدل نمو يتجاوز 10% قبل عشرة اعوام.

النفط هو الرافد الاساسي في اقتصادنا حالياً وسوف يبقى رافدا مهما في المستقبل وسوف نرى عودة الاسعار الى سعرها العادل في القريب العاجل ولكن من المهم وانا على يقين بان القائمين على تنفيذ رؤية المملكة 2030 الطموحة لا تستثني الاستمرار في تنمية عائدات قطاع النفط بعيداً عن الاسعار، حيث ان هناك مجالات مرتبطة بالصناعة النفطية مثل النقل والتكرير والتوزيع، على سبيل المثال نقل البترول الخام وفقاً لصادراتنا حالياً لا تقل قيمته عن 5 مليارات دولار في السنة، وضعف هذه القيمة سنوياً كقيمة مضافة لو تم تكرير اكبر جزء من انتاج النفط، لذا فان توطين الجزء الاكبر من هذه المجالات سوف يعزز من ايرادات قطاع النفط وتنمية الاقتصاد الوطني الكلي الذي يجب ان يكون رقماً مستهدفا يتنافس على المساهمة فيه القطاعان النفطي وغير النفطي.

المصدر: الرياض