علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

رب تغريدة قالت لصاحبها….

آراء

في مسافة ثلاث ليال فقط، اضطر الدكتور محمد العريفي أن يسحب تغريدته معتذراً لأهل الكويت ومختتماً بالقول: عفا الله عما سلف. تذكرني نزعة العريفي التويترية بقصة – عابر سبيل – من قرون خلت، وهو يدخل قرية ثم شاهد أهلها في حشد عظيم على أطرافها فبادرهم قائلاً (أحسن الله عزاءكم) دون أن يتمهل ليعرف ما إذا كان الحشد لزواج أو عزاء أو ختان أو درس حصاد أو يوماً مفتوحاً للاحتطاب، وعندها أنكر عليه عقلاء القرية مبادرة العزاء، موضحين له أن القرية أنقذت – نائبها – من السيل ولا مكان لخيمة عزاء، وكل ما كان لهذا (العابر) إنما هو جهل فاضح بالتصور.

أعتقد أن – العريفي – بادر بالاعتذار بعد أن صعقته ردود فعل ذات المدرسة من الكويت حين استنكروا فزعته، واقرؤوا ما قاله وليد الطبطبائي ومسلم البراك ووائل الحساوي ومشاري العفاسي ومحمد طبطبائي. أولهم قال له بالحرف “إنه أفتى بما لا يعلم، وآخرهم قال إنه لا يدري بأبعاد الأمور ويجهل طبائع وتركيبة المجتمع الكويتي، وإن هذه التغريدة مدعاة للإفساد لا للإصلاح، وقد سماها النبي المصطفى بالحالقة”. ظن العريفي أن منسوبي مدرسته في الكويت سيطيرون الآفاق بفزعته فإذا به يفاجأ بأنهم وصموه بكل ما هو صادم وأنهم أول (من وضعه على البلاطة)، كما يقول المثل.

وحتى على مستوى اللغة، يقول العريفي في تغريدته إن الأمير (إمام غير جامع لشروط الولاية). كأنه يتحدث عن والي خراسان أيام المستعصم أو عامل بلاد السند في نهاية عصر المأمون. لغة منقرضة. نسي أن الإجماع الكويتي الاستثنائي المدهش كان درساً هائلاً عندما أصر ذات الشعب على قيادته الشرعية كشرط جوهري أيام ما كانت القيادة وذات الشعب في أنحاء الأرض بعد غزو صدام الشهير، فكيف تكون شروط الولاية إن لم يكن ذلك (الإجماع) درساً ملهماً بين قيادة وشعب كانا في مهب الريح؟ والسؤال الأهم: فيم يختلف أمير الكويت عن البقية في (الجامع من شروط الولاية) ونحن جميعاً، بلا استثناء على ذات المنهج من شروط البيعة، ومن النظرة إلى أهلية الإمام، وأيضاً من النسيج الاجتماعي المختلف عن كل ما سواه في التركيبة الثقافية التي تؤمن برأس الهرم وعمود الخيمة؟ كلنا تركيبة ثقافية واحدة من تاريخ (قروني) طويل بهذا النمط من أصول الحكم وشكله ومركباته. فلماذا، وهل الأمير الكويتي وحده من بين هؤلاء نشاز في الجامع من شروط الولاية؟ أم إنها تغريدة جامعة تصلح أيضاً للنشر مستقبلا؟.. تلك أسئلة مشرعة.

المصدر: الوطن اون لاين