يوسف القبلان
يوسف القبلان
كاتب سعودي

ريادة العمل الاجتماعي ورواده

آراء

أما أبطال هذا الكتاب فهم الذين تصدوا للمشكلات العالمية والمحلية بأفكار قوية وأدوات وحلول جديدة لم يتم استخدامها من قبل الشركات التقليدية، هؤلاء الأبطال لم تحظَ قصصهم -حسب رأي المؤلفين-بالتغطية الإعلامية الكافية

من حديقة الكتب (معرض الكتاب) اخترت زهرة أعتقد أنها تناسب أذواق الجميع لأن رائحتها رائحة إنسانية، هذه الزهرة تتمثل في كتاب بعنوان (ريادة العمل الاجتماعي، تأليف ديفيد بورنستاين، وسوزان ديفيس، ترجمة علا أحمد صلاح). السيد ديفيد بورنستاين هو أيضاً مؤلف كتاب (كيف تغير العالم، رياديو الأعمال الاجتماعية وفعالية الأفكار الجديدة) وقد تطرقنا له في مقال سابق.

ثم وجدت أن موضوع كتاب ريادة العمل الاجتماعي ورواده يستحق توسيع نطاق الفائدة فقررت دعوة القراء لمشاركتي القراءة المختصرة وترك القراءة الكاملة لمن يرغب في ذلك. يتكون الكتاب من ثلاثة أبواب تتضمن عدة موضوعات منها العمل الاجتماعي ورواده من حيث التاريخ والتعريف والفرق بين ريادة العمل الاجتماعي وريادة العمل التجاري، وتحديات أحداث التغيير، والشراكة بين الحكومات ورواد العمل الاجتماعي، كتاب يستحق القراءة وخاصة من قبل الجمعيات الخيرية، والقائمين بمهام المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات المختلفة.

يبدأ الكتاب بالمصلحات ويرى المؤلفان أنه ينبغي عدم تعريف أي مجال بصيغة النفي مثل منظمة غير هادفة للربح، ومنظمة غير حكومية، البديل في نظرهما هو المنظمات الاجتماعية أو منظمات قطاع المواطنين، ورائد العمل الاجتماعي.

يهدف الكتاب إلى تسليط الضوء على جنود مجهولين يعملون من أجل الأمن الإنساني في عالم يعاني من الجوع والعنف والأمراض حسب تقارير الأمم المتحدة التي تشير إلى مئات الملايين يواجهون الجوع نتيجة للأزمة المالية، وملايين النساء والفتيات يمتن قبل الأوان بسبب العنف أو الحرمان من الرعاية الصحية، وتنتشر الأمراض المميتة في العالم بسرعة مذهلة، بالإضافة إلى استنفاد المياه العذبة ومخاطر الاحتباس الحراري.

أمام تلك المشكلات يختلف تفاعل الناس معها، يرى المؤلفان أن كثيرين يختارون صم أذانهم عن سماع أخبار العالم أو الاستغراق في تشتت الفكر أو تبني اتجاه الانعزال الساخر، آخرون يرغبون في المساعدة لكنهم يشعرون بالارتباك أو لا يعرفون خطوة البداية، أو يشعرون أن المشكلات كبيرة ويتعذر حلها، أما أبطال هذا الكتاب فهم الذين تصدوا للمشكلات العالمية والمحلية بأفكار قوية وأدوات وحلول جديدة لم يتم استخدامها من قبل الشركات التقليدية، هؤلاء الأبطال لم تحظَ قصصهم -حسب رأي المؤلفين-بالتغطية الإعلامية الكافية، هم الجنود المجهولون المتوارون عن الأنظار، هم (قطاع المواطنين) الذين يمثلون تكيفاً مع المطالب المتغيرة للبيئة العالمية وتحولاً عن النموذج المركزي لحل المشكلات المتجه من أعلى إلى أسفل الذي ساد في القرن الماضي.

يعرف المؤلفان ريادة العمل الاجتماعي بأنها عملية يقوم المواطنون بواسطتها ببناء أو تحويل الشركات لتقديم حلول للمشكلات الاجتماعية مثل الفقر والمرض والأمية والتدمير البيئي وانتهاك حقوق الإنسان والفساد، ولهذا نجد الكتاب يتضمن نماذج متنوعة من الأعمال الريادية الاجتماعية مثل تنظيم المواطنين في بولندا في صورة شبكة وطنية من حراس الحياة البرية المسؤولين عن الاكتشاف المبكر للتهديدات البيئية. وفي الهند تم تدريب أطفال الشوارع ليكونوا أنصاراً لحماية الأطفال. وفي بوركينا فاسو جندت حقوق الإنسان عشرات الآلاف من المواطنين لرصد انتهاكات حقوق الإنسان. وفي أميركا ساعدت منظمة تقاسم الكتب الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية على العمل معاً لبناء أكبر مكتبة في العالم لكتب سهلة المنال.

في فصل بعنوان (كيف تغير ريادة العمل الاجتماعي العقول) يشير المؤلفان إلى أن أهم تغيير في العقلية يعمل رواد العمل الاجتماعي على إحداثه اليوم هو إقناع الناس بإمكانية حل أصعب المشكلات في العالم، ويعرضان أمثلة من الواقع على ذلك.

يختم المؤلفات الكتاب بموضوع بعنوان (كيف سيؤثر مجال ريادة العمل الاجتماعي على الصحافة) يتضمن عتاباً على الصحافة لأن النشاط في مجال ريادة العمل الاجتماعي يبقى -حسب رأيهما- متوارياً عن الأنظار. ويستشهدان بلغة الأرقام بالمقارنة بين تغطية أخبار وقصص السياسة والحروب، وأخبار وقصص الريادة في العمل الاجتماعي.

المصدر: الرياض