زراعة لسان

آراء

أن تزرع شعراً في المناطق الجرداء من الرأس يُعدّ أمراً عادياً جداً، ومتعارفاً عليه، ومن كان يتوارى خلف القبعة أو «الغترة» أو كان يقوم بنقل شعر الميسرة إلى الميمنة في محاولات جدية لسد الفراغ، صار أكثر جرأة بتمشيط شعره ومتابعة التسريحات الحديثة.

الطب الروسي تجاوز قصة زراعة الشعر، وبدأ بزراعة «الألسن» لمن يشعر أن لسانه يخونه في التعبير أو يخذله عند المعارك الكلامية.

الطب الروسي تجاوز قصة زراعة الشعر، وبدأ بزراعة «الألسن» لمن يشعر أن لسانه يخونه في التعبير أو يخذله عند المعارك الكلامية أو لا يكفي شحنه لقول الحق في المواقف المهمة، فقد نجح فريق طبي روسي في استئصال جزء من لسان مواطن روسي مصاب بالسرطان وزراعة خلايا جلدية أخذت من كتف المريض وزرعت في المكان المستأصل لتعتبر سابقة طبية فريدة، أن يزرع فيها «بعض من لسان» وتأخذ مكانها الصحيح. المريض غادر بعد أيام عدة من مراقبته، وبعد أن تلقى نصائح من الكادر الطبي بضرورة الالتزام بحمية غذائية والتحدّث طويلاً قدر الإمكان، فكثرة الكلام في هكذا حالة جزء من العلاج، وبهذا يكون قد أخذ وصفة طبية يستطيع أن يتكلم ما يشاء ومتى يشاء دون أن يتّهم بإطالة اللسان.

لا أدري إن كانت مصادفة أن تؤخذ من الكتف خلايا جلدية وزراعتها في اللسان، فالكتف الذي يحمل كل شيء واللسان هو الصامت «على غُلب». فهل بهذه الحركة الروسية أرادوا أن يستنطقوا اللسان لأن يشكو ممّا يتعبه وممّا يحمله على عاتقه طوال هذه السنين، فالكتف هو الذي يحمل الأثقال، وهو الذي يسند الشيء المائل، وهو الذي يستدلّ به على الحمل الثقيل المرئي وغير المرئي، كيف إذا أصبح للكتف لسان يبوح بكل ما يوجعه؟ وكيف إذا ما أصبح للسان كتف يستند إليه ولا يخاف التصريح أو الصراخ، بعد أن ابتلع وصايا الصبر والتحمل والسكوت وكظم الغيظ آلاف السنين؟

طيّب ماذا لو أجريت هذه العملية النوعية لـ300 مليون عربي يحملون على أكتافهم أوطانهم المثقلة بالحروب، ويحملون الضرائب، وأرتال الفقر، وقصص الجوع، وخلايا البطالة التي تنمو يوماً بعد يوم.. بماذا سيبوحون؟ وكيف سيصبح وجه الخريطة بعدها؟

المصدر: الإمارات اليوم