أيمن العريشي
أيمن العريشي
كاتب وأكاديمي سعودي

ساندي وعبلة.. وأخواتهما

آراء

يُقال ـ والعهدة على الراوي ـ إن عالم الأرصاد الأسترالي كليمنت راج هو صاحب فكرة تسمية الأعاصير بأسماء أنثوية! ويقال أيضا إنه كان يختار للأعاصير أسماء نساء يكرههن!

قبلها بليلة واحدة وبينما نُتابع أخبار الإعصار ساندي، تساءلت زوجتي عن السبب وراء هذه التسميات الناعمة للأعاصير، وكان سؤالها مبطنا بتهمة لنا معاشر الرجال، إذ نقرن النساء دائما بالمصائب والكوارث! وللأمانة الكتابية فقد حاولت “تصريف” الموضوع و”التسليك” لنا معاشر الرجال من باب نفي التهمة والانتصار لعدالتنا الذكورية، لكنني تذكرت أن بعض بني قومي يتفاخرون حين يشيرون إلى زوجاهم بتعبيرات تحمل نفس المعنى كقول أحدهم “المصيبة اللي عندي في البيت” وهو لا يقصد إلا زوجته طبعاً أو سواها من التعبيرات الكارثية الأخرى، ولعمري فلقد جاءت المعلومة السابقة حول العالم الأسترالي كي “تدبسنا” نحن الرجال تدبيسة محترمة في هذا الاتهام الخطير!

ولكن يبدو أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومقرها جنيف قد أنقذت الموقف حين عملت بالتنسيق مع المركز الوطني الأميركي للأعاصير لوضع قائمة تشتمل على أسماء الذكور إضافة إلى أسماء الإناث، وكل ذلك من باب تسهيل تذكر أسماء تلك الأعاصير، وسهولة تبادل المعلومات حولها. وعودا على صاحب الفكرة كلمينت راج، وسواء أكان هو بالفعل صاحب الفكرة أم أنها منسوبة إليه افتراء، فإنني ـ وإحقاقا للحق ـ أقف ضد هذه العنصرية الذكورية المقيتة ضد الجنس الناعم، فالنساء مهما تعاظم كيدهن فإنه لن يبلغ في مداه ما خلفه كاترينا من دمار أو ما أحدثه ساندي من فظائع.

صحيح أن بعض جنس حواء تحمل في داخلها من العواطف كالعواصف، فتثور لأبسط الأسباب كالبركان، أو تزلزل أركان المنزل بسبب وبدون، لكنهن في نهاية المطاف لسن نذير شؤم أو خطرا محدقا أو شرا مستطيرا.

ولكوني شابا ينحدر في أصوله إلى سهول تهامة وتحديدا أبو عريش، فلقد لفتني أن ثقافتي المحلية تذهب في بعض موروثها إلى ما ذهب إليه صاحبنا الأسترالي، فلدينا هنا “عبلة” و”أم الصبيان” و”أم العفاريت” وكلها تسميات أنثوية لشخصيات أسطورية، يتم استحضارها حين يراد تخويف الصغار أو الدعاء على الكبار! مرة أخرى نحن في مأزق أسماء أنثوية لا ذكورية، إذاً.. “خارجوا نفسكم” معاشر الرجال!.

المصدر: الوطن اون لاين