أيمن العريشي
أيمن العريشي
كاتب وأكاديمي سعودي

سعود الفيصل .. وداعاً أيها الحكيم

آراء

دعوني أعترفُ أولاً بأنني أكتبُ السطور التالية بمشاعر متناقضة بين حزنٍ وامتنانٍ وشكرٍ وعزاء ..

الحزنُ على فقد رجلٍ كان يوازي أمّةً في حكمته وحنكته وسياسته ومهابته وثقافته وبُعد نظره.

أكتبُ هنا كفردٍ من جيلٍ فتح عينيه ليقرأ الدبلوماسية السعودية عبرَ شخصية سعود الفيصل. جيلٌ اقترنت لديه علاقات وطنه الخارجية بأيقونة سعود الفيصل. جيلٌ كان يستمع لصوت سياسة بلاده عبر مؤتمرات سعود الفيصل الصحافية وخطاباته ومداخلاته. سواء في أزمنة السلم أو الحرب، وفي أحلك الظروف وأصعب المنعطفات، ذات الهدوء وذات الاتزان وذات الخطاب العقلاني هو ما يميز الأمير الراحل.

في كل الزيارات الخارجية للوفود السعودية ومشاركاتها في مؤتمرات القمم الإقليمية والدولية، كنا نبحث دائماً أين يجلس أمير الديبلوماسية في كاريزما ثقة وهدوء يتمتع بها ويمتد تأثيرها إلى كل من يتابعه.

الامتنان لفارسٍ قضى من عمره أربعين عاماً في موقعٍ حساس يعصفُ بشاغله في كثيرٍ من حكومات العالم قديمها وحديثها. لكنه الفيصل، المستشار الأمين لملوك هذه البلاد في رسم السياسة الخارجية المتزنة وترسيخها على مدى عقود .. سياسةٌ عميقةٌ لا تتسعُ المساحة لو أردنا أن ندلف إلى تفاصيلها. لكن حسبنا أن نختزلها هنا في سفارات المملكة العربية السعودية وبعثاتها الديبلوماسية حول العالم، وفي جواز السفر السعودي الذي يجوب به أبناء المملكة أقاصي الأرض في ثقةٍ وراحةٍ واعتزاز .. لم تكن جميعها لتكون لولا عمل ديبلوماسي متقن، وعلاقات استراتيجية متينة، ونظرة سياسة ثاقبة.

الشكر لله ثم لوطنٍ أنجب رجلاً كالفقيد العزيز ..

إنه وطنٌ قادرٌ بإذن الله على أن يهبنا عظماء تلو عظماء.

ثم الشكرُ للراحل سعود الفيصل رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجزاه خير الجزاء على ما أفناه من عمره ووقته وجهده وصحته في خدمة الدين والوطن والعروبة وقضايا العالم قاطبة.

كنت وستظلّ دائماً يا فقيدنا الغالي تمثل للسعوديين قدوةً في الإخلاص، مدرسةً في العمل الإداري، أنموذجاً يُحتذى به ثقافةً وتفكيراً وتضحية.

العزاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والأسرة المالكة الكريمة والشعب الأصيل.
العزاء للوطن في فقيده الغالي .. عزاءٌ ممزوجٌ بالدعاء للفقيد. والوفاء منّا لروحه الزكية بأن ننشر سيرته الاستثنائية لأبنائنا وللأجيال من بعدنا. سيرة سطرها باقتدار الأمير سعود بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله.

المصدر: الرؤية