خالد السويدي
خالد السويدي
كاتب إماراتي

سقوط «ذا كوين»

آراء

يقول الكاتب الإغريقي أيسوب «كلما صغر العقل زاد الغرور»، فالغرور بحد ذاته مرض، وعندما يصاب به شخص يعاني عقدة النقص، فلا تتوقع إلا أن يتحول هذا الغرور إلى حالة مستفحلة ميئوس منها، قد تؤدي في بعض الحالات إلى جنون العظمة، الذي بدوره يؤثر في الاتزان العقلي والقيام بأفعال وتصرفات لا تمتّ للمنطق بصلة.

الساحة الفنية والرياضية وغيرها خصبة بنوعيات مغرورة تعتقد أن الموهبة التي حباها بها الله تبرر لها أن تتكبر على الآخرين، وتعاملهم بدونية، لا تتقبل النقد، متوهمة أنها خط أحمر يمنع الاقتراب منه!

قبل أسابيع عدة تطاول لاعب مواطن على جماهير فريقه الذين انتقدوه على سوء أدائه في الفترة الماضية، حيث طالبوه بالاعتذار بكل أدب، إلا أنه أبى واستكبر وهدد وتوّعد، ولم يكتفِ بذلك، فبعد ركوب سيارته التي يبلغ ثمنها أكثر من مليون درهم انطلق بطيش وتهور غير مكترث بالجماهير التي كانت تقف في الشارع الداخلي للنادي.

أما على الساحة الفنية فالطامة أشدّ وأكبر، ما أن تتحقق الشهرة لأحدهم حتى يرى نفسه أفضل من غيره، تأخذه العزة بالغرور، يرى نفسه الأفضل في كل شيء، لا يتقبل الانتقاد، ويرى أن كل ما يفعله صواب، وكل من ينتقده حاسد ومتسلق وباحث عن الشهرة. خلال الأسبوع الماضي ثارت ضجة كبيرة على برنامج إحدى المطربات، الذي استفز المتابعين وتسبّب في حالة من السخط، لما فيه من غرور وتكبّر وجنون عظمة تذكّرنا بعصور الذل والعبودية، حيث انطلقت في وسائل التواصل الاجتماعي حملة لإيقاف عرضه في تلفزيون دبي، لتتم الاستجابة فعلاً بإيقاف عرضه نهائياً. هذه المطربة تصر على استفزاز الآخرين، لا تنكفّ عن اعتبار نفسها الأجمل والأفضل والأكثر ثراءً، تصريحاتها تعبّر عن الغرور ولا شيء غيره، تعاير غيرها بأنها تستطيع كسب مئات الآلاف من الدراهم في ساعة واحدة، هذا عدا الكثير من التسجيلات المنتشرة لها تتلبس فيها بجنون الملكة.

ليس لنا الحق في نسف التاريخ الفني لمطربة مثلها، وأجد نفسي متعاطفاً معها في المواقف التي تتعرض فيها للإساءات الشنيعة، إلا أن هذا لا يمنعنا من أن ننتقد عندما يكون الانتقاد في محله، سواء كان بحق شخصية فنية أو رياضية أو غيرها.

في الإمارات وغيرها نشاهد الكثير من الشيوخ والمسؤولين والمشاهير الذين يمثلون قمة التواضع والاحترام، لم يغيرهم جاه ولا مال ولا منصب، هؤلاء يعلمون أن:

ملْأَى السنابلِ تَنحنِي بتواضُعٍ.. والفَارغاتُ رؤوسهنَّ شوامِخُ.

المصدر: الإمارات اليوم