سواحلنا الجميلة تبتسم للشمس

آراء

تقف في شرفة بناية من تلك السامقة، أمام السواحل، وتنظر إلى البحر الأخضر، تنظر إلى الرمل الذهبي، تنظر إلى بياض الطبيعة، وهي تحضن أرواح الناس، تنظر وتشعر أن هذا الشاطئ، منذ متى لا تدري، وهو يلملم شتات مشاعر الناس، ويحتوي الأجساد بعفوية، وشفافية، وحيوية، وأريحية، وبنعومة الرمل، وخصوبة الماء، يحيي رميم الآتين من هنا وهناك، وكان البحر، طهور الناس، وبخورهم، وذخرهم، وفخرهم، كان النديم الحليم، كان السديم، يفتح مسامات الحلم ليرتفع النشيد، ويطلق الموال، أنغامه، وأنسامه، وأقلامه، ليكتب العشاق أحلى ما يجيش في الخواطر، وأجمل ما يسكن في المشاعر.

اليوم تنظر إلى الساحل، وتشعر بشيء ما يداهمك، تشعر بأنك ترتكب الخطيئة عندما تنظر، بإمعان، لأنك لا ترى شيئاً، إنك ترى الفراغ، لأن ثقافة ما حلت مكان ثقافة، واحتلت منطقة الوعي، صار الوعي مسكوناً بالغرف المغلقة، صار المواطن، يهوى العيش، في المنطقة المطوقة، بالجدران والساحل مفتوح، الساحل طريق إلى الاتساع، والعشق، والناس هنا لا يبالون، بأنفسهم بل منشغلون، بالخارج كثيراً، منهمكون في تلوين حياتهم بالمادة بينما الروح، غائصة في تراكمات القلق اليومي، الروح منغمسة في نفايات ماذا سيكون الغد؟ هذه معضلة العصر والكثيرون متورطون، بهذا الساحل النفسي المزدحم ببقع الزيت. بقع واسعة تغزو النفوس ولا مجال للانفكاك من لوثتها.

ثقافة الأماكن المغلقة، زجاج السيارات مغلق، نوافذ البيوت مغلقة، المولات، المتاجر، ساهمت في إغلاق الصدور، ولم يعد الإنسان قادراً على التخلص من الإغلاق، ويعجبني جداً مشهد هؤلاء الذين يقطعون الأميال، ليحطوا رحالهم هنا، في هذا المكان الجميل، مستمتعين، بالصفاء، والرحابة والنجابة وخصوبة مشاعر الرمل، ورضاب البحر المتدفق، شوقاً وتألقاً، وتأنقاً وتناسقاً، والأمان يكسو الأرواح ويطوقها بالحب ويحتويها بالبهجة.

المواطن يعيش النعمة، ولكنه لم يكتشفها بعد، وربما غداً، يتغير الحال وربما لا، ولكن كل ما أتمناه أن ننتبه إلى هذا الصباح الإماراتي، المبهر، وساعاته الأربع والعشرين، حيث لا ليل هنا، فالأرض تحتفي بالنور، والتنوير من كل جهاتها الأربع لأن الصحراء النبيلة، أعلنت السفر إلى الضوء، منذ زمن، ومنذ أن مد باني الآمال العريضة زايد الخير طيب الله ثراه، يداً بيضاء، ناصعة بنصوع العفوية، في الصحراء، ببياض السريرة، في الأرض الطيبة.

يجب أن ننغمس بهذا النعيم كما تنغمس البذرة في التربة وأن نتحد مع وجودنا، بحب وصفاء، ونقاء. الحب وحده يجلبنا، إلى مرابع المتعة الطبيعية.

المصدر: الاتحاد