سعيد السريحي
سعيد السريحي
كاتب سعودي

سوق عكاظ.. عودة الروح لطائف الفن

آراء

لم يكن محمد عبده حين غنى (أفاطم مهلا) ليلة افتتاح مهرجان سوق عكاظ يدشن رسميا عودة حفلات الغناء التي كانت معلما من معالم حفلات ومهرجانات الصيف في عدد من مدن المملكة قبل أن يطويها تيار الصحوة مع ما طواه من قيم الفن والجمال والثقافة في بلادنا على مدى الثلاثين عاما الماضية، لم يكن محمد عبده يدشن في ليلة الافتتاح حضور الفن والغناء في مهرجان سوق عكاظ بل وفي مهرجانات المدن الأخرى فحسب وإنما كان يعيد إلى الطائف روحها المرتبط بالفن والغناء حينما كانت ساحاتها العامة تتحول إلى مسارح مفتوحة تصدح فيها أصوات المغنين ويتجمهر حولها عشاق الفن.

كان ليل الطائف مجمعا للسمار من المصطافين وأهالي الطائف حين كانوا يتحلقون حول رواد فن الغناء في الحجاز: حسن جاوا وعمر باعشن ومحمد علي سندي وفوزي محسون وفؤاد بنتن وعمر كدرس.

ولم تكن حديقة أو ساحة في الطائف تخلو من ليالي الغناء ولكل حارة برحتها وساحتها التي تزينها بعقود الكهرباء وتزودها بالمقاعد ومنصات الغناء فلحارة أسفل برحة الهادي ولحارة فوق برحة الركن ولحارة السليمانية برحة ابن عباس.

أما الحفلات الغنائية النسائية فقد كانت بساتين الطائف مسرحا لها حيث كانت تغني توحة وصالحة مدني وسمر دينا وابتسام لطفي وغيرهن من فنانات جدة ومكة والطائف.

ولا غرابة بعد ذلك أن تمنح الطائف الفن والغناء في المملكة أشهر الفنانين كطارق عبدالحكيم وعبدالله محمد وطلال مداح وعبدالله المرشدي رحمهم الله جميعا، وإذا كانت أغنية وردك يا زارع الورد تعد أول أغنية «مكبلهة» في الفن السعودي فإن تلك الأغنية كانت إحدى ثمرات صيف الطائف حيث غناها طلال مداح هناك.

ولا عجب بعد ذلك أن يتغنى الفنانون بأحياء الطائف وضواحيه ومنتجعاته فتتحول الطائف إلى أيقونة للفن: قلبي فدا قروى واللي سكن فيها، حبيبي في روابي شهار ووادي وج والمثنى، يا الله بليلة في غدير البنات، ولا غرابة عندئذ أن يغادر المصطافون الطائف وهم يرددون: جينا من الطايف والطايف رخا. الطائف تستعيد روحها المتمثلة في الغناء وتعيدنا لقيم الفن الجميل الذي أرادت الصحوة أن تنسينا إياه وحين هتف محمد عبده: أفاطم مهلا ليلة سوق عكاظ أكد هتاف آلاف الحضور أن كل ما حاولت الصحوة محوه لا يمكن له أن يمحو فرح الناس بالفن والغناء والجمال.

المصدر: عكاظ