سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

سياسة «الصداقة مع جميع اللاعبين»!!

آراء

الدور القطري المشبوه ليس وليد اللحظة، بل تكشفت خباياه وأسراره في أكثر من دولة عربية، منذ سنوات طويلة، وعلى الرغم من التحذيرات والنصائح التي قدمت إلى قطر من الأصدقاء والخصوم، في آنٍ واحد، بضرورة الكف عن هذه السياسة «المزدوجة»، فإن الدوحة أصرت على الاستمرار في النهج نفسه، غير عابئة بالنتائج الكارثية الناجمة عن هذه الممارسات، على صعيد المنطقة العربية بأكملها، وليس على محيطها الخليجي القريب.

والأمثلة على الدور القطري المشبوه كثيرة جداً، أوضحها ما حدث في اليمن وليبيا، ومع حركة «طالبان» الأفغانية قبل 10 سنوات.

ففي اليمن، أدى اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية، بزعامة المخلوع علي عبدالله صالح والحوثيين، إلى وقف ما يعرف بـ«حرب صعدة الرابعة». وكانت قطر هي التي توسطت لحل النزاع، بوساطة إيرانية، وتضمن الاتفاق نفي زعامات الحوثيين أمثال عبدالملك الحوثي، وعبدالكريم الحوثي، وعبدالله الروزامي إلى قطر بصورة مؤقتة، وتشكيل لجنة مشتركة قطرية يمنية وحوثية. ولم تستمر الاتفاقية القطرية كثيراً، وألقت مجموعات يمنية كثيرة إضافة إلى الحكومة باللوم على قطر، لأن الاتفاق ساوى بين المتطرفين والحكومة. وانسحبت قطر من الاتفاق ولم تلتزم بوعودها التي قطعتها، والمتمثلة في الاستثمار بالمناطق الأكثر تضرراً من الحرب. وفي الوقت نفسه تمت ترجمة أسلوب الازدواجية، بدعم كبير لحزب الإصلاح «الإخواني»، الذي تربطه تداخلات كثيرة مع تنظيم «القاعدة».

وقد أجبر هذا الموقف صالح على القول، في خطاب شهير له عام 2011، قبل بضعة أشهر من توقيع الاتفاق، الذي رعته دول مجلس التعاون الخليجي، لنقل السلطة: «نحن نحصل على شرعيتنا من الشعب اليمني، وليس من قطر التي نرفض مبادراتها».

ووجدت قطر نفسها في علاقة وثيقة مع قيادة ميليشيات الحوثيين، وفي الوقت ذاته كانت تدعم مجموعة الإصلاح، إضافة إلى تنظيم «القاعدة». وعندما اندلعت الأزمة الدبلوماسية الحالية، سارعت قيادة الحوثي إلى الإعراب عن دعمها لقطر.

وفي ليبيا، اتخذ التحرك القطري ثلاثة محاور، طبقاً لما قاله الخبير بالشأن الليبي عبدالستار حتيتة، هذه المحاور هي: العمل مع عناصر جماعة «الإخوان» الليبية (البناء والتنمية)، والعمل مع «الجماعة الليبية المقاتلة»، التي احتضنت الدوحة عناصرها منذ أيام وجود الجماعة في أفغانستان، والعمل مع الميليشيات المسلحة المتباينة، التي لا تحمل غطاء أيديولوجياً محدداً، لكن عملها يصب فى النهاية لصالح تيار التطرف في ليبيا، ومنطقة الشرق الأوسط.

وأبرز وجوه التدخل القطري يتم، الآن، تحت مظلة منظمة «قدوتي»، التي تمدها جهات من الدوحة بالمال والدعم، وهي مؤسسة تركز على تربية جيل شبابي، تتم تغذيته بالأفكار التكفيرية، ليكون نواة لجماعات مستقبلية، تحمل السلاح وتتدرب على التفخيخ والتكفير.

ومن بين المجموعات الإسلامية المتشددة، التي وجدت الراحة لها في الدوحة حركة «طالبان»، التي افتتحت مكتباً لها هناك، بالقرب من القاعدة الأميركية، التي تنطلق منها الطائرات أحياناً، لتقصف معاقل «طالبان» في أفغانستان!

ويبقى دعم الدوحة لتنظيم «القاعدة» في اليمن وسورية، وجميع أنواع الحركات المتطرفة في ليبيا و«الإخوان المسلمين»، وحتى «حزب الله»، مجرد جزء بسيط من الحكاية، حيث إن السياسة الخارجية لقطر، إبان حكم حمد بن خليفة، اعتمدت على نظرية «الصداقة مع جميع اللاعبين»، قبل أن تتكشف الأمور، وتفشل هذه السياسة بعد ما عرف بـ«الربيع العربي»، الذي دمر الوطن العربي بأموال قطرية ودعم قطري!

المصدر: الإمارات اليوم