علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

سيدي الأمير محمد بن نايف: تحية وبعد

آراء

سأذهب، سيدي الأمير، هذا المساء معزيا نجل أغلى أصدقاء والدي في وفاة زوجته التي انتهت حياتها مأساوية مع الفجر اصطداما في حملة لتهريب المجهولين القادمين من القارة الأفريقية. تقول المعلومات، يا سيدي، إن المهرب كان عسكريا سابقا خرج من سجنه بالعفو لقضية مماثلة، وكل القصة الأهم، يا سمو الأمير، أن القتلى التسعة من المجهولين المهربين يكملون هذا الشهر وحده مجموع 23 ضحية ماتوا في حادثين متشابهين في كل التفاصيل: تهريب مجهولين على أجساد باصات المعلمات، وأدهى من هذا كله على ذات الطريق نفسه ومرورا بكل نقاط التفتيش الأمني نفسها وفي نفس التوقيت وبذات الأعداد وحجم الضحايا والكوارث.

نحن سيدي، وزير الداخلية، رفعنا بمطالبنا إلى كل طوب الأرض، ونحن سمو الأمير، سكبنا دموعنا مع كل (صلايا) القبور التي ركزناها على هؤلاء الضحايا. نحن، سيدي، أيضا نتعاطف مع المجهول الضحية، مثلما يأكل الحزن قلوبنا على “منى” و”صنعا” من بناتنا اللواتي تركن حتى اليوم سبعة أيتام من الأطفال، على ذات الطريق، وذات نقاط التفتيش الأمنية، وذات النهايات المتشابهة في كل التفاصيل حذو المأساة بالمأساة التالية. نحن يا سيدي، وزير الأمن، نعيش منذ أربع سنوات على الأقل ذات القصة الأمنية التي لم نعد نشعر معها بالأمان ولم يلتفت أحد. ذات جنود الأمن، وذات المجهولين، وذات نقاط الأمن والتفتيش وذات الطريق وذات الضحايا وذات القرى التي لا تستطيع أن تتواصل فيما بينها في حلول المساء، وذات الأفارقة الذين يهربون كل شيء إلى فلذات أكبادنا ويصنعون كل المحرمات والممنوعات بالأطنان الكحولية السائلة. نحن، يا سيدي، أصبحنا نخاف من أطراف هذه القرى بحلول المساء ونخشى أن نكون فيها مجرد حفارين للقبور، لكل مجهول أو معلوم بذات التفاصيل المتشابهة المستنسخة من بعضها البعض. نحن، يا سيدي، نستنجد نخوتك أن تنقذ حياتنا ومشاعرنا القلقة من هذه العصابات التي غزت قرانا وسكبت سمومها في أجساد أولادنا.

نحن، يا سيدي، صوت مئات الآلاف الذين يتمنون أن تصل أصواتهم إليك. صوت عشرات اليتامى والثكالى لهذا الخوف الذي لم يستشعره أحد.

المصدر: الوطن أون لاين