عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

«سيلفي» ونسف فكر الإرهاب .. بحضور طلال مداح

آراء

باعتقادي أن مسلسل «سيلفي» هو بمثابة برنامج وطني جريء وواضح وفي الصميم لمحاربة الفكر الداعشي في مجتمعنا، وعلى رغم الجهود التي تقوم بها بعض الجهات الرسمية في التصدي لهذا الفكر، إلا أنها لم توصل رسالتها إلى المجتمع كما فعل الفنان القدير ناصر القصبي ومجموعة العمل معه في هذا العمل بقيادة المشرف عليه الأستاذ خلف الحربي.

نعم، الصورة لها تأثير قوي وخصوصاً في المجتمعات التي لا تقرأ كحال مجتمعنا. ولذا، تأتي أهمية هذا العمل، وخصوصاً في حلقة «نسف»، التي نسفت الفكر الداعشي، وكيفية استغلال الشباب في مجتمعنا مما يعانون الضياع والفراغ الفكري لأسباب كثيرة، في تلك الحلقة هناك أشارات واضحة بالربط بين الإرهابيين الدواعش الذين يستهدفون دور العبادة لبعض مكونات المجتمع على أساس طائفي واستخدام المخدرات، ففي المشهد الأخير لإرسال المفجر إلى هدفه يتساءل المسؤول عنه إن كان هو يحس بالخوف والارتباك، وذلك الشاب ينفي عن نفسه ذلك مع غمزات من عرابه وإصراره أن يتناول حبوب مخدرة حتى تزيل عنه حال الخوف، وافتراضاً لو تناول الإرهابي تلك المخدرات لذهب وفجر ولم يفكر إطلاقاً ليصحو ضميره ويتراجع عن فعله القبيح، بل إن قائد ذلك الداعشي رفض أن يقوم ذلك الشاب بصلاة ركعتين مستغلاً العامل الجنسي لدى تلك الفئة التي تعاني من الكبت الجنسي وتفرغها لقتل أناس أبرياء، لأنهم يختلفون معه بالمذهب.

التفاعل العاطفي المجتمعي مع حال التراجع التي تلبست ذلك الشاب وأيقظت ضميره في اللحظات الأخيرة قد تكون أمنيتنا جميعاً، ولكن على أرض الواقع.

كلنا نتابع الدواعش الذين يستهدفون المساجد ورجال الأمن، نجد أن لديهم إصراراً على القتل والموت حتى آخر لحظة، من حقنا أن نفرح بذلك التراجع وقد نرى المستقبل في ذلك، ولكن باعتقادي أن «سيلفي» أوصلنا كمجتمع إلى تلك الحال العاطفية، ولكن هذا لا يكفي؛ فمن يتابع خطاب الكراهية على أساس مذهبي وطائفي في ثقافتنا يتولد لديه اليقين أن الطريق ما زال طويلاً، ومثل هذه الأعمال التلفزيونية هي تشخص الحال لنا وتصورها بشكل درامي، أما الحلول فلا تملكها. لذا، على الجهات الرسمية ذات الاختصاص ألا تركن إلى مثل هذه الجهود المميزة وتتوقع أن الدواعش ومن يغذى فكرهم قد انتهت، إذ إننا قد نشهد حالات بشعة منهم، وخصوصاً أن الخناق يضيق عليهم في بؤر الصراع التي يشكلون فيها قوة، والتاريخ يذكرنا في الحال الأفغانية الارتدادية التي عشناها من بعض عناصر القاعدة بعد عودتهم إلى الوطن في الماضي.

من الجهات التي عليها مسؤولية كبيرة في كشف وتعرية خطاب الكراهية في مجتمعنا مؤسسات التعليم، خصوصاً في المراحل الأولى، وهذا يحتاج إلى تهذيب بالخطاب الديني في المساجد، ومحاصرة وسائل الإعلام التي تتبنى هذا الفكر الظلامي، وعلينا أن نشيد ونطالب أن يكون مجلس الشورى في مقدم من يتصدى لهذا الفكر من خلال تبني مشروع القرار المقدم من ثلاثة من أعضائه لتبني قانون يجرم الكراهية في وطننا.

يحسب لحلقة «نسف» الفكر الداعشي توظيف الفن والموسيقي في تفكيك فكرهم من خلال أغنية الراحل الفنان طلال مداح «وطني الحبيب»، التي هي في وجدان كل واحد منا، وأن الوطن يسع الجميع على رغم كل الاختلافات.. فشكراً لناصر القصبي وفريق عمله على ما يقدمونه لوطننا.

المصدر: الحياة