خالد السويدي
خالد السويدي
كاتب إماراتي

شهادات مضروبة

آراء

يمكنك خداع الناس لبعض الوقت، لكنك لا تستطيع خداعهم طوال الوقت، تذكرتُ هذه المقولة عندما قرأتُ عن عشرات الشهادات الجامعية والماجستير والدكتوراه التي اتضح أنها شهادات مضروبة ومزورة، فهناك من حصل عليها لزوم البرستيج والمكانة الاجتماعية و(شوفوني أنا دكتور)، مع أنه على الأغلب لا يعرف كوعه من بوعه في التخصص المكتوب على الشهادة، وغيرهم حصلوا عليها للعمل في أفضل الوظائف وبرواتب عالية.

صحيفة نيويورك تايمز كشفت قبل ثلاث سنوات عن شركة متخصصة في بيع الشهادات المزورة بقيادة شخص باكستاني الجنسية يدعى شعيب أحمد شيخ، وبناءً على تلك المعلومات تم القبض عليه، ثم تمت إدانته الشهر الماضي في باكستان بتهم تتعلق بالشهادات المزورة والنصب والاحتيال، ونال حكماً بالسجن لمدة سبع سنوات.

كنت أعتقد أن المشكلة بسيطة جداً وتعتبر حالات فردية، إلا أن أحد الأساتذة المتخصصين دأب منذ فترة على محاربة حملة هذه الشهادات المضروبة بالبحث عن مصدر تلك الشهادات، وهل تلك الجامعات موجودة فعلاً، وهل هناك من استفاد من تلك الشهادات ليتبوأ مناصب كبيرة هنا وهناك؟

الأستاذ المتخصص في كشف الشهادات المضروبة وجد عدداً كبيراً من هؤلاء المزورين يعملون في بنوك محلية وشركات خاصة وفي جامعات معروفة، بل يشغلون مناصب كبيرة بناءً على هذا الكذب والتدليس، وقد تبين أن أحد هؤلاء قد كتب في سيرته الذاتية أنه حصل على ثلاث شهادات للدكتوراه في عام واحد!، وهذا في حد ذاته أمر غير منطقي وغير قابل للتصديق.

الأغرب من ذلك أنه أرسل رسائل عدة إلى هذه الجهات فلم يتم التجاوب معه أو الاستيضاح منه بخصوص ما يدّعيه، وهذا في حد ذاته تصرف سلبي من هذه الجهات التي يبدو أنها مستمتعة جداً بالمديرين والموظفين المزورين الذين يعملون لديها.

موضوع الشهادات المزورة موضوع خطير جداً لا يمكن السكوت عنه، فهو نوع من أنواع الفساد والنصب والاحتيال، وفيه ضرر للمؤسسات وتعدٍّ على حقوق الآخرين، ويسهم في وصول الشخص غير المناسب على حساب آخرين يستحقون تلك الوظيفة. الكرة الآن في ملعب الجهات الحكومية المختصة لتمارس دورها الرقابي بشكل أكبر، وكذلك في ملعب الجهات التي شغلتهم دون تدقيق على تلك الشهادات، التي صارت تجارة رائجة يستفيد الفاشلون منها دون أي جهد يذكر.

المصدر: الإمارات اليوم