سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

صداع التقييم!

آراء

نتفهم جيداً حرص الحكومة، متمثلة في دائرة الموارد البشرية، على ضمان عدم تعرض أي موظف، مهما كانت درجته الوظيفية، لظلم وظيفي، ونقدر حرصها على إشراك الموظفين في عمليات التقييم السنوية، ونصف السنوية، لإعطائهم فرصة تقييم أنفسهم قبل أن يقيّمهم مسؤولوهم، ولكن هل هذا النظام ناجح ومفيد؟!

التقييم أمر ضروري ومهم جداً، ولا يمكن الاستغناء عنه، فعن طريقه تتعرف كل إدارة وقسم إلى الموظفين المتميزين والمنتجين والأكفاء، والموظفين السلبيين وضعفاء الإنتاج، لكن ما يحدث حالياً في الدوائر الحكومية أمر مختلف، فعمليات التقييم تشكل صداعاً مستمراً لكل الأقسام والإدارات بشكل عام، وفيها كثير من إضاعة الوقت والجهد، إضافة إلى كثير من المشاحنات والأحقاد، والتخريب في علاقات العمل بين الرؤساء والمرؤسين! فلماذا حدث ذلك؟

حدث ذلك لأن نظام التقييم غريب حقاً، حيث يبدأ من الموظف الذي يجب أن يقيم نفسه، ثم يرسل تقييمه إلى رئيسه المباشر الذي يعتمد التقييم أو يغيّره، وإذا حدث ورأى رئيس القسم أن الموظف لا يستحق التقييم الذي وضعه لنفسه، فإن الاثنين معاً يجب أن يراجعا إدارة الموارد البشرية، وعلى رئيس القسم أن يقنع الموظف بأن تقييمه غير صحيح، وإن لم يقتنع فيحق له الذهاب إلى لجنة التظلمات المركزية، فهل يعقل ذلك؟ وكم من الوقت تحتاج كل دائرة من أجل إنهاء هذا الجدل العقيم!

من الصعوبة بمكان أن تُقنع موظفاً بأن عليه بذل المزيد من الجهد لكي يحصل على تقييم أفضل، ومن سابع المستحيلات أن تجد موظفاً يقرّ بأن مستواه مقبول أو ضعيف، وكل موظف، مهما كان إنتاجه ضعيفاً وسلوكه سيئاً، يرى نفسه متميزاً، ويستحق أعلى الدرجات، إنها غريزة بشرية يصعب تغييرها، وهذا في حد ذاته مشكلة كبرى لا حل لها إطلاقاً، والوصول إلى رضا الجميع أمر مستحيل دون شك، فلماذا تم اختيار هذا النوع الجدلي من التقييم؟!

سيقول البعض، حتى لا يتعرض الموظفون لظلم من رؤسائهم، وقد يكون هذا الأمر صحيحاً، لكن حل هذه المشكلة لن يتم عبر نظام التقييم الحالي، بل ما حدث فعلياً هو تفاقم المشكلة، والأجدر هو وضع معايير ومقاييس أداء واضحة، وقابلة للقياس لكل الدرجات الوظيفية، ومن خلالها يقيس كل مسؤول إنتاج وكفاءة موظفيه ويقيمهم، مع وجود رقابة ومراجعة من إدارة الموارد البشرية، والمسؤول الذي يثبت تلاعبه في تقييمات الموظفين، لأي سبب كان، يُعفى من المسؤولية، هذا كل ما في الأمر، دون صداع وفلسفة إدارية غير مجدية!

المصدر: الإمارات اليوم