صواب العراق.. وخطأ الحوثي

آراء

ليس سراً أن إيران تتدخل في شؤون أربع دول عربية، وتهيمن تماماً على القرار السيادي في بعضها، غير أن تزايد الأصوات العراقية المنددة بسطوة طهران، بات ظاهرة يجدر التوقف عندها، خصوصاً أن شخصيات برلمانية وقوى اجتماعية باتت تعلن ذلك بوضوح، وما يسترعي الاهتمام، أن بينها من ينتمي إلى تيارات عراقية، موالية تاريخياً لإيران.

لقد كان لافتاً إقرار رئيس ائتلاف «الفتح» هادي العامري أمس، بأن «إيران تتدخل في الشأن العراقي»، موضحاً أنها توجه «القوى السياسية الشيعية»، كما اعترف العضو البارز في تحالف «القرار» أحمد المساري بأن «التدخل الإيراني في العراق وسورية ولبنان واليمن موجود فعلاً، وعلى المستويات كافة، منذ أعوام».

وبغض النظر عن موقف القوى السياسية العراقية عموماً، قبولاً أو رفضاً للنفوذ الإيراني، إلا أن حالة الإنكار لذلك في المشهد الداخلي، تراجعت كثيراً، مع تكرار مواقف وطنية شيعية، تؤمن بعروبة العراق، وانتمائه القومي، وفي مقدمتها موقف الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر، الذي عبّر مراراً عن رفضه الهيمنة الإيرانية على المعادلة السياسية في بلاده، سيما محاولة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، تشكيل حكومة ائتلافية موالية لطهران، في مايو الماضي.

الصدر أيضاً، متمسك بهوية العراق العربية، وقدرته على استيعاب التنوع القومي والديني، وأهمية تنمية علاقاته بمحيطه العربي، وزار الإمارات والسعودية في أغسطس الماضي، ثم استقبلت الإمارات والكويت الرئيس العراقي برهم صالح، الشهر الفائت، في إطار جهود مبذولة من مراجع سياسية عراقية لكسر حدة التأثير الإيراني على سيادة العراق، وإفهام طهران أن اللعبة المذهبية التي لا تتقن غيرها، لم تعد تجد متحمسين ومتفرجين في هذه المنطقة.

قطعاً، لم تكن الهيمنة الإيرانية في حاجة إلى أدلة وشواهد، فهي التي دعمت ومولت ميليشيات طائفية، مثل «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» وسائر تشكيلات الحشد الشعبي، حتى بعد انهيار «داعش»، لكن تواصل هذا الجدل في المجتمع السياسي العراقي، على اختلاف مرجعياته مهم جداً، وربما يكون درساً مفيداً للحوثي في اليمن، فلم يترك النظام الإيراني في البلدان العربية التي أوفد إليها جنرالاته وعصاباته وأمواله سوى الفوضى والخراب، وقبل ذلك استلاب القرار السيادي الوطني فيها.

آن للحوثي أن يدرك فداحة الأخطاء في حلفه مع إيران، وسوء قراءته لمصالح اليمن ومستقبله، فهذه الأموال، والصواريخ، والذخيرة، لا تهربها طهران إلى صنعاء، لأجل الاستقرار السياسي والاقتصادي، وعليه أن يرى في المقابل مَن يبني المدارس والعيادات والمستشفيات، ويصلح البنية التحتية، وينقذ أطفال اليمن من سوء التغذية والمجاعات.. وذلك قبل فوات الأوان.

المصدر: الاتحاد