ضع حداً للوقت

آراء

إذا أردت أن تنعم بالسعادة، فضع حداً للوقت، ولا تدع عقلك يذهب بك في أعماق الماضي، أو يسافر بك نحو المستقبل. كن حاضراً بقوة الذات، وانتمِ إلى نفسك.

في هذه الحالة سوف تتفرغ نفسك من المواد السامة التي خلفها الماضي، بالتعاون مع عقلك الذي سهل الاحتفاظ بهذا الكم الهائل من الأحداث والمواقف، وسوف تشعر أنك طائر بأجنحة الفرح، ونفسك نقية وصافية من الشوائب، وجسدك خفيف، مثل فراشة تحلق عند نعيم الأزهار اليانعة.

الوقت مشغول بتراكم الأفكار، وأنت عندما تذعن للوقت تصبح محملاً بأوزار التاريخ والناس، ومن خلال هذين البحرين، تهاجمك ضوارٍ ومفترسات، أنت لا تستطيع مقاومتها لأنك تصبح محاطاً بهذه الأسوار التي يصنعها الوقت. لو أنك تخلصت من الوقت، سوف تحس أنك في الفضاء، ولا ترتطم بالأرض، ولن تخذلك التضاريس الوعرة.

خذ نصيبك من الوقت، ودعه يمر، دعه يعبر، ولا تضع الفواصل عند كل جملة تمر عليها عيناك، لا تفكر، لماذا فعل زميلك في العمل هكذا، ولماذا لم ترد أنت على الشخص الذي أخطأ في حقك. مثل هذه المحطات، متعبة، وتجعلك وكأنك تملك الزمان والمكان.

أنت خارج الوقت، مثل جنين يخرج من أحشاء الأم، سوف ترى الحياة مشرقة، وتفيض بالنشاط، أنت هنا خارج العتمة والسكون، وأنت في المحيط البشري، تعانق عيناك الوجود لأول مرة، وتنفتح على الكون، مثل بتلة الورد، وتنثر العطر عطرك النافح من روحك المنشرحة، ولونك المزهر القادم من زمن بريقك الرائع.

هنا، أنت في صلب الوقت، لكنك لا تحاصرك الجهات، ولا تختزل عمرك الأفكار الخارجة من الوقت. أنت خارج الوقت، فأنت في قلب النهر ترشف من العذوبة، وتنظر إلى الحياة، نظرة لا تختلط بالتشاؤم. عندما تضع حداً للوقت فأنت تغادر منطقة القلق، وتدخل فسحة الطمأنينة، ولا يخالجك شك، ولا ريبة ولا توجس.

أنت في النعيم عندما لا تلتفت إلى الوراء، أنت في كل الحياة، عندما تمتلئ بزمن اللحظة، تكن أنت في الحاضر، مرآة ناصعة، من غير غبار، تكن وجهاً من غير قناع تكن أنت كما أنت، تكون كما ولدتك أمك، تذهب إلى المستقبل، بعين صافية، وأذن صاغية، ولسان فصيح، صحيح، راجح، ناجح، فالح، صالح، كابح لكل المثيرات والمؤثرات والمكدرات، والعقبات، والكبوات، والعثرات، والمحبطات، والمثبطات.

أنت هنا تلبس السندس والإستبرق، والحياة أمامك سجادة من مخمل السعادة. وأنت في الوجود فاعل متفاعل، متفائل متصل، متواصل، لا فواصل، تفصلك عن الآخر، ولا فجوات، ولا نقاط في آخر السطر.

تملك الوقت ولا يملكك، هو بين أصابعك، مثل حبات المسبحة، مثل نجمة سابحة، تضيء سماواتك، وتمطرك الغيمة بماء الحب، تحب وتنثر الحب وروداً، لأجل أن يصبح الكون شجرة وارفة، مكللة بالوفاء للوجود، وخالق الوجود. هذا هو أنت عندما تضع حداً للوقت، ولا تدعه يسرقك، ويسلبك ويأخذك إلى شعاب الماضي.

المصدر: الاتحاد