طائفية؟ كل واحمد ربك!

آراء

ما لم نتصد للتحريض المذهبي والمناطقي بقوانين و أنظمة تعاقب مثيري الفتن الطائفية و الإقليمية و إلا سنبقى في دائرة الحوار الذي يتبخر عند أول محك. لا بد من إقرار قوانين صريحة تُجرم إثارة النعرات الطائفية أو القبلية أو المناطقية. و الأهم أن يكون مبدأ المساواة في الحقوق و الواجبات حقيقة على الأرض، تحميه قوانين صريحة وواضحة، فأن نتهم – مثلاً – من يطالب بالمساواة في الحقوق و في مشاريع التنمية أنه يحرض على الفتنة ونتجاهل من يحتكر المناصب والمزايا على فئته، من قريته أو قبيلته أو منطقته أو مذهبه، فإنما ننفخ في النار تحت الرماد. أو لكأننا نتهم من يبحث عن أبسط حقوقه في المشاركة الوطنية بإثارة الفتنة و نترك المذنب الحقيقي. وإذا كانت المسألة هكذا فلا داعي لإضاعة الوقت و الجهد في الدعوة لنبذ الطائفية و المناطقية و لنقل – صراحة – لكل من هو من خارج الطائفة أو الإقليم: كُل واحمد ربك!

الصدق أننا بأمس الحاجة لسن قوانين تعاقب من يسلب الناس حقوقها و يقدم “الأقربون” على حساب المؤهلين وأهل الحق. هنا تهديد حقيقي لوحدة الأوطان واستقرارها! لا يهمني إن كنت تحبني أو لا تحبني لكن المهم ألا تستغل وظيفتك فتمنحني حق غيري لأنك تحبني أو تحرمني حقي لأنك تكرهني.

في الوظيفة: احتفظ بمشاعر الحب والكره لنفسك. هذا كلام بديع و رائع. و لكن ما فائدته إن لم يقترن بعقوبات تطبق ضد كل من يستغل وظيفته ضد “الآخر” فقط لأنه لا ينتمي لذات القرية أو المنطقة؟

لن تستقر أوطان تذهب ميزانياتها لمشاريع في قرى معالي الوزير الذي يوزع المناصب على غير المؤهلين فقط لأنهم من أبناء العم و أولاد الخالة! و لن يحلم وطن برخاء ما دام فيه من يعامل كما لو كان على درجة مختلفة من المواطنة!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٥٦) صفحة (٢٨) بتاريخ (١٦-٠٨-٢٠١٢)