ظلم المدينة

آراء

أستعير العنوان أعلاه من حوار أجريته قبل يومين مع الدكتور خالد بن سكيت، أكاديمي في كلية العمارة والتخطيط، جامعة الملك سعود. فوضى المدينة وسوء تخطيطها وقلة خدماتها وغياب حدائقها وتلوثها كلها مما يندرج تحت ظلم المدينة.

الدكتور خالد يروي أنه قابل في ألمانيا سيدتين عرف لاحقاً أنهما شقيقتان. واحدة عاشت مع أبيها في دمشق والثانية مع أمها في ألمانيا. قال: رأيت ظلم المدينة على وجه التي عاشت مع أبيها في الشام! المدن التي لا تضم بين أحيائها حدائق وملاهي للأطفال وأماكن ترفيه عائلي .. مدن باهتة لا لون لها ولا طعم، والمدينة التي تضيع فيها ساعات طويلة من يومك في زحام الشوارع وحفرياتها تنهكك وتسرق وقتك ولا تمنحك وقتاً للتفكير والإبداع.

مدننا اليوم نسخ من بعضها في سوء التخطيط وأخطاء التنفيذ وتسليم عنق المدينة لأجهزة بيروقراطية لا تعرف إحداها ماذا تفعل الأخرى. يضحكني من يقول إن بناء الإنسان يأتي قبل بناء العمران، ننسى أن الإنسان ابن بيئته، والبيئة تشمل المكان بخدماته وإمكاناته. لا يمكنك أن تخرج مبدعين في العلوم والفنون والرياضة إن لم تتوفر في المدينة أماكن وخدمات تكتشف فيها الناشئة وتطور مواهبها وهواياتها.

قرانا -فيما مضى- كانت أكثر تنظيماً من مدننا اليوم. كان للقرية مداخلها الرئيسية وطرقها ومعالمها. انظر في أحياء مدننا اليوم، لا تعرف لها مدخلاً ولا مخرجاً ولا فرق بين أن تكون في غرب المدينة أو شرقها. ظلم المدينة لا يظهر فقط على وجوه ساكنيها، لكنه يظهر أيضاً في فقر المدينة وحاجتها لمرافق وخدمات تحرر الإنسان من سجن الجدران وفوضى الشوارع!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣٤٤) صفحة (٢٤) بتاريخ (١٢-١١-٢٠١٢)