عصا «السلفي» حلال

آراء

بينما كنت مع زميلي نستعرض صور حساباتنا وصور المتابعين على الـ«انستغرام» تجادلنا حول ظاهرة إغراق الـ«انستغراميين» لحساباتهم بالصور، ومن رأي مؤيد إلى آخر معارض، سألته عن صوره أيام الدراسة الجامعية، فتبسم قائلاً: أَوَما تعلم أن التصوير حينها كان حراماً؟!

تعود قصة زميلي إلى أوائل فترة التسعينات أو ما يعرف بفترة «الصحوة الإسلامية»، التي دفعت الشباب للتدين، حينها أفتى له أحد الشباب «الخيِّرين» بحرمة تصوير ذوات الأرواح، وساق له الأدلة الشرعية التي نصت على حرمة التصوير، ثم سألته عمّا حدث بعدها، ولماذا تراجع عن رأي كان يؤمن به؟ فكان رده بأني رأيت صور كل من أفتى بحرمة التصوير تتصدر الصحف والمجلات!

هذه القصة بها دلالات مهمة، أولها أن بعض الناس ــ من باب حرصها ــ تقوم بنقل الفتاوى دون التحقق من المقصود منها، وثانيها أننا نأخذ تلك الفتاوى ممن ظهرت عليهم علامات التدين من دون التحقق من سعة معرفتهم، خصوصاً أن العلم الشرعي من أغزر العلوم وأعقدها ــ لا كما يظن البعض ــ لا يحوزه إلا من وفّقه الله عزّ وجل للدراسة على أيادي العلماء، والأمر الأخير يتعلق بتبدل قناعات زميلي الذي تحول من رأي إلى آخر بعدما شاهد صور أهل العلم وطلبته الذين لم يجدوا حرجاً في التصوير الفوتوغرافي، الأمر الذي يعني أن تقديم القدوة قد يغني عن الفتوى، ولعل الكثير مما نهي عنه اليوم سيدخل غداً في دائرة المباحات، وخير ما يستشهد به على هذه الظاهرة ذلك المثل العربي القائل: إذا كثرت الآراء خفي الصواب. ومن رحمة الله تعالى بنا في الإمارات أن سخر الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف لإنشاء المركز الرسمي للإفتاء بهدف ضبط الفتوى في المجتمع وتوحيد مرجعيتها، وسد الباب أمام الفتاوى الشخصية والارتجالية.

في نهاية القصة، قررت مواساة صديقي، فاشتريت له عصا «سلفي» وكتبت له على قصاصة ورق: تأكد أن ورعك في شبابك مأجور عليه، وهذه العصا هدية تعوض بها ما فاتك، وأما بالنسبة للعصا فهي حلال.

المصدر: الإمارات اليوم

http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-09-10-1.708134