على سجيتك

آراء

كن على سجيتك، تتمدد وتصبح بحجم هذا العالم الفسيح. كن على سجيتك تصير في العالم فراشة موطنها الزهور الندية، وعطرها بخور الفراغات النظيفة.

كن على سجيتك ترتاح من التعب، وتسترخي عند نافلة البوح الجميل، لا شيء يعرقل ذهابك إلى السعادة، ولا شيء يعيق نومك عندما تكون أنت وليس هم، تكون بمفردك تشرب من النهر، ولا شيء يتربص بك، ولا رغبة تحيط بقلبك وتجعله مثل غزالة مطاردة من قبل كائن متوحش. عندما لا تطبق عليك مخالب المظهر الاجتماعي تكون أنت مثل الجنين في الأحشاء المطمئنة، لا شيء يضج بك، ولا شيء يعج بك، أنت وحدك في مملكة السكون الإلهي، يمنحك الحب مدار الأمومة وفطرة التداخل الأنيق، ويليق بك أن تحقق أمنياتك من دون كلل أو جلل أو خلل، لأنك وحدك ومن دون أعشاب شوكية تؤذيك.

كن على سجيتك ستجد نفسك في ملكوت الحب تقطف ثمرات الأحلام الزاهية، وتمضي إلى الشارع، فتجده معبداً بالابتسامة الرهيفة، والعيون المشعة ببريق الفرح. لا تدخل في الزحام، فإنه ذو رائحة نتنة، ولا تقف بين الصفوف فسوف تؤلم كتفك، كن وحدك، وانظر إلى العالم بعين لا غشاوة فيها، وعقل من دون رواسب زمنية، التاريخ يجب أن يبدأ من اللحظة التي تغادر فيها منزلك، وما قبله عدم لا قيمة له ولا شيمة فيه، اخرج من بيتك وأنت تعبق ببخور الطمأنينة، فلن يزعجك سائق سيارة أجرة متهور، ولن يقلقك شاب انشغل كثيراً بإشعال سيجارته، ونسي أنه في وسط طريق ليس ملكاً له وحده.

اخرج من بيتك وعاهد نفسك على أنك لن تخاصم الآخرين حتى وإنْ أبدوا ما يسيئك، وتحد انفعالاتك وكن مثل الشجرة لا تضيق ذرعاً بشغب العصافير، ولا تتذمر من لهو الصغار تحت جذعها.

الحياة تكون جميلة عندما تكون أنت جميل الخلق، رفيع المستوى، مرهف الحس.

الحياة تأتيك سخية عندما تكون أنت مثل الوردة، لا تعبأ بما تفعله الريح، إنها تفتح أكمامها وتنتمي إلى الوجود بفسحة سخية من الأمل، إنها هكذا تحب الحياة من دون مقدمات أو براهين، الوردة لا تسأل من أين جاءت الرائحة العطرة وسكنت أوراقها، هي موجودة في الوجود لكي تعطي ولا تسأل، وكم هو جميل أن نعطي ولا نفكر لمن سنعطي، كم هو جميل أن نحب ولا نطالب الآخر بالبديل، فنشعر بالسعادة لأننا أحببنا، فالحب عندما يذهب إلى الآخر، مثل النهر لا يسأل لماذا هو ذاهب إلى الحقل، هو هكذا يمضي ليروي، فوجوده مرهون بعطائه.

المصدر: الاتحاد