مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

علي ودلال وجهيمان!

آراء

الناقد والصحافي والكاتب السعودي علي العميم، يملك رؤية فريدة من نوعها في حمأة اللزوجة الكتابية التي غاصت بها الأقدام.

في هذه الصحيفة ختم أمس الأحد سلسلته التي خصصها لنقض مقالة الكاتبة اللبنانية – الشيوعية سابقاً، دلال البزري، في مقاربتها لموقع الإخوان المسلمين في الراهن.

علي، ثمّن عاليا، في مستهل حلقاته، قدرات البزري الكتابية والثقافية، لكن أخذ عليها، في منازلات نقدية مبهرة، جرأتها في الأحكام عن الإخوان، التي هي في جوهرها نتاج الماكينة التأويلية الإخوانية، وكان لزاماً عليها عدم «تدوير» دعاوى الجماعة، حتى وإن ألبست غلالة علمانية ثورية. وقد ركّز على أوهامها عن صاحب الحاكمية والجاهلية والمفاصلة الشعورية، سيد قطب.

يمكن الرجوع لسلسلة العميم الثرية حول أوهام دلال البزري، يهمني هنا الإشارة الأخيرة في حلقته الأخيرة، التي سعى فيها ناقدنا علي العميم إلى تفسير النزعة العدائية للسعودية في نسيج الكتابة البزرية وروحها.

بعيداً عن المنبر، القطري – اللندني، الذي اختارته للكتابة، هناك تفسير أقدم يتعلق بالتكوين الثوري الأحمر، المتوهج احمراراً، لدى الكاتبة، وفي هذا الاحمرار، فإن كره السعودية، والتنظير له، جزء من تقاليد الحمر، القدامى منهم والجدد، المتحول منهم والقارّ.

المثال الظريف الذي تسببت به العقدة السعودية، كما ساق العميم، هو قراءة الكاتبة دلال البزري لحركة جهيمان، التي احتل أفرادها الحرم المكي أسبوعين عام 1979.

دلال، حسب علي، تعتقد أن جهيمان اتجه للعنف: «بسبب موقف الحكومة من مطالبه». وهذا غير صحيح، كما يقول علي، بل هو ادعاء زائف.

لماذا؟

يجيب علي مخاطبا السيدة دلال: «لا أخفيك أن الصيغة العصرية التي حشرتِ جهيمان العتيبي فيها، سيقابلها العارف بمحتوى فكره وفكر جماعته بالاستغراق في الضحك. فلا تلوميه إن فعل ولومي نفسك».

أما الذي أدهشني به العميم، فهو هذا: «لم يطلب جهيمان (كما قلت) تنصيب نفسه (مهدياً) لجميع المسلمين، فلقد ادعاها لعضو في جماعته، هو أخو زوجته محمد عبد الله القحطاني، بعد أن أقنعه هو وآخرون، عبر رؤى منامية، أنه هو المهدي المنتظر».

هذه الأخطاء «الأوّلية» من كاتبة نخبوية، عن حدث ساطع مهول، أدبيات فعلته موجودة، سببها العمى الثوري والهوى الدفين، والهوى يعمي ويصم كما نعلم.

أفضت باستعراض نقدات علي العميم لدلال البزري، لأننا نحتاج جرعات مكثفة من أكسجين النقد لتنقية غرف الكلام من ركود الهواء فيها.

ثمة ركض متعثر ببعضه في حلبات الكلام، دون وجود فسحات من النظر للتصويب.

المصدر: الشرق الأوسط