سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

عندما تكتمل استراتيجية العقل والجسم!

آراء

انطلاق مبادرة تحدي دبي للياقة البدنية عقب انتهاء الاحتفال بتحدي القراءة العربي، لم يكن أبداً من باب المصادفة، بل هي رسالة واضحة للتكامل المخطط له بعناية، فالعقل والجسد لا يمكن فصلهما عن بعضهما بعضاً، وكلاهما مكمل للآخر، ومن يمتلك أحدهما ويفقد الآخر فلن تستقيم حياته، وسيظل يشعر بنقص شديد يؤثر فيه سلبياً بشكل عام.

لذلك فالاستراتيجية كانت واضحة، بدأها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأكملها سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم، استراتيجية تقوم على تغذية العقول بالقراءة، وتغذية الأجساد بالرياضة، للوصول إلى جيل جديد متمكن قادر على مواجهة التحديات، والارتقاء بالجميع للوصول إلى مجتمع صحي ناضج ذهنياً، ومعافى بدنياً.

حمدان بن محمد أيقظ مدينة كاملة، وجعل سكانها من مختلف الأعمار والجنسيات يتسابقون لممارسة الرياضة نصف ساعة يومياً، وذلك في مبادرة فريدة من نوعها، وغير مسبوقة، ولقيت تفاعلاً وتجاوباً أيضاً غير مسبوق من الناس، وهو لا يطلب من ورائها مجداً شخصياً، ولا يرغب في ظهور إعلامي، هو لا يريد سوى نشر ثقافة رياضية تؤدي إلى بناء مجتمع صحي سليم، ولا يرغب إلا برؤية النشاط والصحة في زوايا المدينة كافة.

ثلاثون دقيقة قد تُحدث فرقاً في حياة آلاف البشر، ومن يستطع تخطي حاجز الثلاثين يوماً بممارسة أي نوع من الرياضة لمدة ثلاثين دقيقة فقط، فلا شك أنه سيستمر بعدها، لأنه سيدرك الفرق بين حياة رياضية وحياة خاملة، وسيتغير نمط حياته للأفضل، وسيدرك كم كان مخطئاً في إضاعة يوم من حياته دون أي نشاط أو حركة!

حمدان بن محمد على المستوى الشخصي رياضي من طراز رفيع، يتقن جميع أنواع الرياضات، لأن الرياضة عند سموّه أسلوب حياة، وليست مجرد هواية، لذلك فهو لن يستفيد شيئاً إضافياً لو مارس الجميع الرياضة، في المقابل، فإن من سيشترك في التحدي هو المستفيد، هو المستفيد صحياً وبدنياً، وهو من سيجعل جسمه مقاوماً للأمراض ومليئاً بالحيوية واللياقة، وتالياً من يشترك ويمارس الرياضة فعلياً، فهو يشترك لنفسه، ومن يشترك من أجل دعاية وتصوير دون ممارسة حقيقية، فهو لا يخدع إلا نفسه!

ما يقوم به البعض من استغلال المبادرة لأغراض دعائية، أمرٌ مكشوف ومضحك، خصوصاً حين يتعلق الأمر ببعض الجهات الرسمية، فالبعض يتناسى الجانب الأسمى للمبادرة، ويركز فقط على الظهور الإعلامي لكسب تعاطف صاحب المبادرة، فلا جدوى أبداً من تجميع الموظفين بملابسهم غير الرياضية، وتصويرهم وهم يمشون بين المكاتب لثوانٍ معدودة هي فترة التصوير، ثم تنشر هذه المؤسسة هذا الفيديو القصير على وسائل التواصل التابعة لها مع تعليق يقول «انتهينا اليوم 30 دقيقة 30 يوماً»!! ولا جدوى من كثيرين يفعلون أشياء شبيهة فقط للظهور والتصوير، لهؤلاء جميعاً نقول: عفواً فإنكم لم تفهموا رسالة حمدان بن محمد!

عموماً وبغضّ النظر عن مثل هذه الممارسات، فإن المبادرة حققت نجاحاً مبهراً جداً منذ انطلاقتها، والغالبية العظمى من المشاركين ملتزمون بأداء نصف ساعة من الرياضة، وبشكل يومي، ليس شرطاً أن يكون نصف الساعة هذا صباحاً أو مساءً، المهم تخصيصه للرياضة.

وهؤلاء حتماً جميعهم فائزون، ليس فوزاً بالمعنى المعروف من أجل الحصول على مقابل، بل هو فوز ذاتي لفائدة العقل والنفس والجسم معاً، فهنيئاً لهم مشاركتهم في تحدي دبي للياقة، وهنيئاً لنا وجود قائد رياضي استطاع شغل أوقات الناس صغاراً وكباراً من أجل مصلحتهم وصحتهم، وبث النشاط والحيوية والسعادة في أرجاء مدينة كاملة.

المصدر: الإمارات اليوم