سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

غياب «التعاون التنافسي» يعني «لن ينجح أحد»!

آراء

جميل جداً أن تتنافس الدوائر المحلية، أو الوزارات الاتحادية، بينها للحصول على جوائز التميز، وجميل جداً أن يعمل الجميع من أجل كسب رضا المتعاملين، وأن يتنافسوا في تقديم الخدمات وإنهاء المعاملات بطريقة سهلة ومتميزة، ولاشك أبداً في أن جوائز التميز بالإمارات لها دور فاعل وملموس في تطوير العمل الحكومي، ويكفينا فخراً أن مسمى «التميز» في تقديم الخدمة لم يعرفه العالم إلا في عام 1997، عندما انطلق من مدينة دبي!

من الطبيعي جداً أن تفوز دائرة ما بجائزة، أو جوائز، للتميز، نظير جهودها في كسب رضا الموظفين أو المتعاملين، أو الابتكار والتطوير في تقديم خدمة بشكل أسهم في تقليل التكاليف وزيادة الفاعلية، ولكن من الأفضل لو عملت هذه الدائرة مع دائرة أخرى، أو مع دوائر عدة بشكل مشترك للنهوض جميعاً بتقديم خدمات أفضل، أو حلّ مشكلة ما لعموم جمهور المتعاملين، وبالتالي تكون المصلحة العامة هنا أهم بكثير من المصلحة الآنية المتمثلة في الفوز بالجائزة!

تشترك الدوائر في تقديم خدمات ضرورية للمتعاملين، تكون في الغالب مرتبطة ببعضها بعضاً، فلو أنجزت دائرة ما المهام المطلوبة منها في خمس دقائق، في حين استغرق الأمر لدى الدائرة الثانية ثلاثة أيام، والدائرة الثالثة مثلها، فإن الحصيلة التي سيتلقاها المتعامل هي إنجاز معاملة في ستة أيام، ولن يلتفت أحد إلى الدائرة التي أنجزت المعاملة في خمس دقائق، لذلك يجب أن يكون معيار التشارك أو التعاون هو المعيار الأساسي الذي يمكّن أي دائرة من الوصول إلى منصة التتويج، وذلك لتعزيز وتكريس مفهوم «التعاون التنافسي» أو «التنافس من أجل التعاون»، ومنه ستدرك الدوائر أن التطوير الذاتي في كل دائرة لن يوصلها إلى الفوز مادام هناك شركاء استراتيجيون ليسوا بالمستوى المطلوب، لذلك لابد من العمل التشاركي لتطوير الخدمة المشتركة، لنصل في النهاية إلى الهدف الحقيقي وهو تقديم الخدمة المتميزة للعملاء. ولتقريب وجهة النظر، أضرب مثلاً للتوضيح فقط، فمطار دبي يتشارك في إدارة عملياته أكثر من ست جهات مختلفة، فهناك الشرطة والجمارك و«الجنسية والإقامة» ودائرة الطيران المدني و«دناتا» و«طيران الإمارات» وغيرها، جميعها معنية بتشغيل جزئية من العمل، ولو افترضنا أن من بين هذه الجهات جهة متميزة للغاية، وتنهي إجراءات السفر للمسافرين عبر المطار في دقائق معدودة، في حين تستغرق بقية العمليات ساعة أو ساعتين عند الجهات الأخرى، فهل سيدرك المسافر عبر مطار دبي عند أي جهة يكمن التقصير؟ بالتأكيد لن يدرك ذلك، بل هو لا يعرف أصلاً هذه الجهات المعنية بإدارة المطار، لكنه سيردّد من دون شك جملة واحدة: «لقد تأخرت في مطار دبي ساعتين من الزمن»! من هنا، إذا لم تعمل هذه الجهات جميعها بمفهوم «التعاون التنافسي»، لإنهاء إجراءات السفر، وإيصال المسافر من الطائرة إلى سيارة «التاكسي» في أسرع وقت ممكن، فإن الضرر سيلحق بسمعة المدينة، لا بسمعة هذه الجهات، لذا فعلى المعنيين في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز أن يعملوا على إدراج «التعاون التنافسي» معياراً مهماً وأساسياً في الجائزة، فإذا لم تُوفق هذه الجهات جميعها في الوصول إلى الهدف، وهو إنهاء إجراءات المسافرين بسرعة وسهولة، فإن الجائزة لن تذهب إلى أي منها، ومهما أتقن البعض عمله فإنه إن لم يسع إلى مساعدة غيره، ستكون النتيجة النهائية حتماً.. «لم ينجح أحد»!

المصدر: الإمارات اليوم