سعيد السريحي
سعيد السريحي
كاتب سعودي

فاجعة في جامعة الطائف

آراء

يبدو أن الجامعات التي كانت تولي أهمية كبرى للسنة التحضيرية قد نسيت هذه الأهمية، فبعد أن كانت هذه السنة تشكل مختبرا ضخما لتأهيل الطلاب للكليات والأقسام التي يتطلعون للالتحاق بها كما تشكل بالنسبة للجامعات مساحة لفرز الطلاب والتحقق من قدراتهم على مواصلة الدراسة الأكاديمية وإعادة توجيه رغباتهم كي تتلاءم مع إمكاناتهم واستعداداتهم فلا يزجون بأنفسهم في تخصصات ليسوا مؤهلين لها، نسيت الجامعات هذا الدور الذي كان مناطا بالسنة التحضيرية فألغتها من برامجها وشكر لها الطلاب والطالبات ذلك فقد اختصر هذا الإلغاء سنة دراسية كاملة حتى وإن جاء ذلك على حساب الدور الذي كانت تنهض له تلك السنة التحضيرية وعلى حساب مستقبل الطلاب كذلك.

ويبدو أن الجامعات حين اكتشفت ما ترتب على إلغاء السنة التحضيرية من خسائر وقررت إعادتها قد نسيت ذلك الدور وتلك المهمة وأوضح دليل على ذلك أن الجامعات أوكلت أمر تلك السنة لشركات أهلية خاصة تستقدم الأساتذة كما تريد وتتعاقد معهم كما تهوى وتتولى متابعة تعليم الطلاب والطالبات كيفما تشاء وتسلم النتائج للجامعات بعد ذلك كله «باردة مبردة».

ذلك ما تكشفت عنه فضيحة أن يتولى مقيم تم استقدامه من قبل إحدى الشركات على مهنة «عامل بناء» تدريس طلاب السنة التحضيرية في جامعة الطائف مادة الأدب الأمريكي، وهي فضيحة بكل المقاييس حتى وإن دافع مدير الجامعة عنها مؤكدا أن ذلك العامل يحمل درجة الماجستير في الأدب فالمسألة ليست مسألة تخصص فحسب وإنما هي «الروح العلمية» من ناحية و«احترام النظام» من ناحية أخرى، الروح العلمية التي لا تتحقق بمجرد الحصول على شهادة عليا فمن يتولى التدريس ينبغي أن يكون مهيأ لذلك وليس مجرد حاصل على شهادة عليا، وهو الأمر الذي يتكئ عليه المسؤولون في الجامعات في رفض تعيين الحاصلين على الدكتوراة من المبتعثين كأساتذة في الجامعة بحجة أنه لم يتم إعدادهم لهذه المهمة، وحين يتحدث مدير الجامعة عن شهادة عامل البناء فإنه يتناسى هذه المسألة.

أما احترام الأنظمة والذي يبدو أن جامعة الطائف لا تتحلى به فهو قبولها أن يتولى تعليم طلابها من هو ليس على كفالتها وليس على كفالة الشركة التي تعاقدت معها وأن يعمل لديها في وظيفة ليست مطابقة لما استقدم من أجله، ولذلك فإن تبرير مدير الجامعة ما حدث بأن الجامعة إنما تحرص على المؤهلات العلمية يؤكد أن جامعاتنا تفتقر إلى المؤهلات التي تحول بينها وبين مخالفة الأنظمة جهلا بها أو تجاهلا لها.

المصدر: صحيفة عكاظ