قسم السحر في الهيئة

آراء

طرح الأستاذ عبدالله السعدون عضو مجلس الشورى قضية تجاهلها المثقفون كثيراً. قضية قسم السحر في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قراءة موضوع السحر بعناية ربما تساعدنا على فهم الإشكالية التي يطرحها عضو مجلس الشورى الكريم، والتي نشرت بالتفصيل في هذه الجريدة. أولى النقاط التي يتوجب معرفتها أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي الجهاز الوحيد في العالم الذي يضم قسماً متخصصاً في فك السحر عن المسحورين وقراءة الطلاسم السحرية وتخليص الناس من أعمال السحرة وتقديم دورات (علمية) في ذلك. وكما توحي الأخبار يوجد في الهيئة فرق (مدربة) لمباشرة البلاغات والتوجه للموقع واستخراج صرار السحر وتخليص المصابين من تأثيره. هذه الممارسة وهذا القسم لم يوجد أبدا في تاريخ الحضارة الإسلامية لا في أزهى عقودها ولا في أكثر عهودها انحطاطاً.

مرافعة الأستاذ عبدالله السعدون في مجلس الشورى تطرح سؤالاً علينا السعي الجاد للإجابة عليه؛ هل مكافحة السحر الذي تقوم به الهيئة يحارب السحر أم يثبت مفهومه في النفوس؟ ثمة فرق بين أن تتهم الإنسان بالشعوذة والدجل وسرقة أموال الناس بالباطل، وبين أن تتهم الإنسان بارتكاب السحر وتقدم نماذج من المصابين بالسحر الذين استعانوا بخبراء الهيئة لفك السحر عنهم. في الأولى أنت تؤكد أن الرجل الذي يدعي أنه ساحر هو مجرد كذاب ومستغل لحاجة الناس، بينما في الثانية تؤكد على قدرة الإنسان على التحكم في الجن والشياطين واستخدامهم للتأثير على حياة البشر. الهيئة تأخذ بالرأي الثاني. تعمل على تخليص الناس من سحر السحرة. تكافح السحرة وليس الدجالين. كل الأخبار التي تبثها الهيئة على الناس تتضمن إنجازات فك سحر وتخليص عائلة مسحورة، اكتشاف عمل سحري في البر والبحر، وتقدم دورات علمية على فك السحر، وأحيانا تشرح أعراض الإصابة بالسحر كأي مرض من الأمراض التي تصيب الإنسان.

يطرح الأستاذ السعدون على الهيئة السؤال التالي: «ما هو العلم الذي لدى من تسميهم الهيئة المختصين في حل السحر والتعامل معه؟ وما هو التأهيل الذي لديهم للتعامل مع السحر وتشخيص المرض والجزم بأنه سحر أو مس أو عين، وأنه ليس مرضا عضالا أو مرضا نفسيا، وخاصة مرض الاكتئاب الذي يعاني منه الكثير وخاصة النساء؟»

ثم يقول السعدون: إن على الهيئة «محاربة هذا الدجل والكذب والاحتيال والخداع والمتاجرة بصحة البسطاء».

ما يطرحه الأستاذ السعدون قضية خطيرة، تمس صحة الناس وتمس الأمن وتمس سلامة المنهج العلمي في التفكير، وتطرح سؤالاً وجودياً: هل نعيش في العصر الحديث حقاً؟

المصدر: الرياض