عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

قطر.. فلا نامت أعين الجبناء

آراء

منذ إعلان المقاطعة، وقطر تقول إن الإجراءات الدبلوماسية المتخذة من قِبَل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لم تؤثر فيها، لكننا شاهدنا مطار الدوحة خالياً من المسافرين، ما يدل على أن قطر معتمدة على خير جيرانها، وفي مقدمتهم السعودية والإمارات.

ومنذ إعلان المقاطعة، تجمدت السياسة الخارجية لقطر، وكأن خارجيتها المفلسة لا عمل لها سوى الوساطة للمجموعات الإرهابية المارقة. للعلم إن تلك الوساطة غير المحايدة تخطط مع الإرهابيين وتدفع لهم، في أقذر حركة ارتكبها نظام سياسي.

ومنذ إعلان المقاطعة، كل الأخبار القادمة من قطر هي عن المقاطعة نفسها، سواء كانت وساطات دولة شقيقة كالكويت، أو وساطات دول صديقة مثل أميركا وفرنسا، أو توقيع اتفاقيات دفاع وتسليح تبدد مال الشعب القطري، وتعكس الرهاب والغباء وانعدام ثقة نظام الدوحة بنفسه.

ماذا حدث في الدوحة؟ هل توقفت أنشطة الدولة بسبب المقاطعة؟ نعم هو كذلك، وهذا يدل على حكم الموقع الجغرافي لقطر على سياستها. لماذا لم تعد هناك وساطات قطرية مع الجماعات الإرهابية كما هو الوضع قبل المقاطعة؟ لماذا كل تحركات قطر محصورة بين إيران وتركيا؟ ولماذا كل تحركاتها الدبلوماسية الأخيرة تتعلق بإنهاء المقاطعة فقط؟

لأن المقاطعة ضربت سياسة الدوحة في الصميم، فتوقفت أنشطة دعم الإرهاب، وتوقفت الوساطات بين نظام الإجرام مع رعيته، وأصبح الشغل الشاغل لقطر هو إنهاء المقاطعة، من خلال زيارة دول أوروبية، غير مؤثرة غالباً، وتبديد الأموال فيها.

ما ترونه أمامكم هو الحجم الحقيقي لدولة قطر، هي ضعيفة سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، هي دولة غير مؤثرة، وهي تعلم ذلك تماماً، فأرادت تعويض النقص بالتحدث بلغة المال وسياسة حياكة المؤامرة. النتيجة أن سياسة كهذه غبية وفاشلة لا تعيش طويلاً، وقد قضت عليها المقاطعة بشكل نهائي.

قطر فشلت في أول اختبار لسياستها، فهل أبرزت الدوحة عقولاً سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية؟ هل شاهدتم وزيراً فيها صرح ولم يناقض نفسه أو غيره في أقل من أسبوع! الدوحة لا تمتلك عقلاً واحداً ذكياً أو حكيماً، ولا نستغرب لأن هذا نتيجة طبيعية لسياسة دفع المال، إنها الرشاوى عندما يقع المال في أيدي السفهاء.

التآمر ليس دهاء سياسياً كما تظن قطر، فالأول تحتويه بمقاطعة وينتهي، أما الثاني فيحسب لتحركاته ألف حساب. الاستنجاد بإيران وتركيا ليس دهاء، وإنما دليل غباء وانعدام القدرة على قراءة المتغيرات الدولية، التي من الواضح أنها تتجه ضد المزاج الإيراني والتركي، لكن الكبش القطري أبى إلا أن يقدم نفسه إلى الذئاب، رغم علمه بأن شقيقتيه السعودية والإمارات ستقدمان له الدعم العسكري الذي يريد، لو اختار العودة إلى الحضن الخليجي، كما حدث للبحرين عندما تعرضت لتهديدات أمنية مدعومة إيرانياً في 2011، وللكويت عام 1991، عندما تعرضت للغزو الغاشم.

ختاماً: تاريخياً، غيرت دول سياساتها بأن ناقضت الجديدة السياسات القديمة (أميركا والصين، أميركا وليبيا مثلاً)، وهو تبدل كامل في السياسة نتيجة التقاء المصالح، لكن لم يحدث في التاريخ أن جعلت دولة في العالم من الكذب والتآمر والخداع والغدر والخيانة ركائز لسياستها الخارجية.. فلا نامت أعين الجبناء!

المصدر: الإمارات اليوم