عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

قمة الأمل.. لماذا موريتانيا؟

آراء

كان مقرراً حسب الجدول الرسمي للقمة العربية الـ27 التي تحط رحالها في نواكشوط منذ الأمس، أن تنعقد في المغرب بحسب أصول الاستضافة، لكن اعتذار المغرب عنها جعل الكرة تذهب تلقائياً لموريتانيا التي رحبت باستضافتها وبشكل فائق الحماس، معتبرة أنها قادرة لأسباب تعود لتوازنات العلاقات بينها وبين أعضاء الجامعة أولاً، ولرغبتها بسبب هذه التوازنات والعلاقات الجيدة مع الجميع، في إنجاح القمة وتحريك بعض الملفات الشائكة، فهل ستقدر؟ ربما، ولذلك جاءت تسمية القمة بـ»قمة الأمل«.

يأمل الموريتانيون في تقديم نموذج سياسي عربي متوازن ومسالم، قادر على الوقوف على خطوط متساوية من جميع الأطراف بما يمكنه من تحقيق المصلحة العربية أو أمل العرب في فعل شيء ما حيال الأوضاع المأزومة والمتراكمة جداً، وتحديداً منذ انفجار ما بات يعرف بربيع الثورات العربية التي دمرت أجزاء من الخريطة العربية، مهددة بإزالة معظم حدود الخريطة أو استبدالها، فهل ستنجح نواكشوط؟

في التاريخ، أعلنت موريتانيا استقلالها في 1958 وكرس هذا الاستقلال باعتراف فرنسا عام 1960، إلا أن العرب لم يعترفوا بهذا الاستقلال مجاملة للمغرب، وهذه أولى المفارقات، أما ثاني المفارقات فإن موريتانيا التي تأمل أن تُخرج العرب من جمودهم السياسي وتحرك بعض الملفات، تحتم عليها الوقوف أمام باب الجامعة العربية منذ عام 1960 وحتى عام 1973 لتنال عضوية الجامعة، ويتم الاعتراف باستقلالها، وبمبادرة من المملكة المغربية نفسها!

في الملفات المتجمدة، هناك بلد عربي اسمه لبنان، يعاني وضعاً سياسياً متجمداً في الواقع العربي الذي يغلي منذ انطلقت شرارة الثورات في تونس، فهو مأزوم حتى النخاع، في انتمائه لمحيطه العربي، وفي اقتصاده وسياحته، مأزوم في ارتباطاته الإقليمية وانتماءاته المذهبية، ومنذ أكثر من سنتين اعتبره العرب، بعد أن يئسوا من حل عقده المتشابكة، ملفاً مجمداً ومهملاً، لأسباب تعود لتجاذبات المواقف وتحسين شروط التفاوض إقليمياً، وعليه يدفع اللبنانيون الثمن مضاعفاً، فهل تتمكن موريتانيا من تحريك هذا الملف الشائك؟ إضافة لملفات الإرهاب وسوريا واليمن وليبيا؟

ملف لبنان شائك حتى بالنسبة لموريتانيا، فهذا الجمود ووضعية الاعتراف المجمد بلبنان، يعيد للموريتانيين ذكرى القمة العربية التي عقدها العرب عام 1960 بمنطقة شتورا، والتي تقدمت فيها موريتانيا يومها بطلب الانضمام والاعتراف، فقوبل طلبها بالرفض، فهل تعطي نواكشوط أملاً للبنان يجعل لموريتانيا سابقة أكثر نبلاً في الواقع العربي، بعد أن اختلفت وانقلبت كل أوضاع المنطقة، وصارت موريتانيا التي تمنت بارقة أمل من قمة شتورا اللبنانية، صانعة آمال كل العرب، رغم أنها لا تملك من موازين القوة ما يؤهلها لذلك، باستثناء نجاتها من نفق الثورات والخضات الأخيرة التي تعصف بالعرب!

المصدر: البيان