أمجد المنيف
أمجد المنيف
كاتب سعودي

قناة سلوى.. وعزلة قطر

آراء

يغيب عن كثيرين أهمية القنوات الملاحية في العالم، ما بين ري، ونقل، وتوصيل، كل قناة بحسب موقعها وظروفها وأهميتها.. قناة السويس مثلاً، تعتبر أسرع ممر بحري بين أوروبا وآسيا ويمر عبرها من 8 %‏ لـ12 % من حجم التجارة العالمية‏. بالإضافة إلى قناة بنما، التي تصل المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ، وتعد من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم، وقصرت مسافة رحلة السفن بين نيويورك وسان فرانسيسكو لأقل من 8,370 كلم. وارتفعت حركة المرور السنوية من 1000 سفينة خلال الأيام المبكرة لإنشائها إلى 14702 سفينة في العام 2008.

قريباً، ستلغى حدود سلوى البرية التي تربط السعودية بقطر، لتتسيد السعودية الساحل الغربي للخليج العربي بالكامل.. وتشق القناة الجديدة، المعروفة بـ»قناة سلوى» البحرية لأغراض ملاحية وسياحية، والتي من المتوقع أن تكون قادرة على استيعاب سفن حاويات وركاب، وبالتالي ستؤثر في حركة الملاحة بالمنطقة، ما يجعلها قريبة الشبه من قناة الدانوب في رومانيا، والتي تربط نهر الدانوب بالبحر الأسود، وتختصر 400 كلم من المسافة على السفن القادمة من كونستانتسا على البحر الأسود حتى تشيرنافودا على الدانوب.

المميز في الأمر، أن قناة سلوى ستكون سعودية تماماً، رغم كونها بالقرب من الحدود مع قطر، إذ إن بدايتها ونهايتها سعوديتان، وهو ما يذكرنا أيضاً بقناة كيل، التي حفرتها البحرية الألمانية للربط بين قاعدتيها في بحر البلطيق وبحر الشمال دون الالتفاف حول الدنمارك.

وبحسب التقارير الأولية، فسوف تساهم قناة سلوى في زيادة الرقعة السكانية بمنطقة القناة، وستنشط الحركة التجارية، وهو ما حدث بالفعل مع تجربة قناة إيري في نيويورك التي خفضت تكاليف النقل بنحو 95 %، وشجعت الزيادة السكانية في غرب ولاية نيويورك، كما ساعدت نيويورك لكي تصبح الميناء الأميركي الرئيس.

ومما يجب التنويه إليه هو أن مهام قناة سلوى لا تنحصر في الملاحة، بل تشمل الجانب السياحي في نفس الوقت، حيث ستكون هناك فرص كبيرة للمستثمرين في الصناعة السياحية، وخيارات جديدة للسياح. وبالحديث عن الدور السياحي، فلا يجب أن نغفل القنال الكبير (فينيسيا) أحد الممرات المائية الرئيسة في إيطاليا، التي تنتهي عند بحيرة البندقية، حيث تخصص الحافلات المائية للنقل العام والخاص، فيما يستخدم السياح الغندول لاستكشاف القناة.

فما المتوقع من قناة يصل طولها إلى 60 كيلومتراً؟ إننا نتحدث هنا عن مشروعات قادرة على إحداث نقلة كمية ونوعية كبيرة في خريطة النقل والسياحة العالمية، وهو ما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف لتوفير وتنويع مصادر الدخل غير النفطية وزيادة فرص العمل الجديدة. والأهم، أن نكمل العزلة.. ربما للأبد. والسلام..

المصدر: الرياض