عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

قيادة المرأة للسيارة في «زمن التقشف»

آراء

عندما كان الوضع الاقتصادي يعيش حال رخاء، كانت الكثير من قضايانا الاجتماعية مُرحلةً إلي زمن مُقبل، فالكثير منا كان يعارض عمل المرأة وقيادتها للسيارة، لأن الأسرة السعودية كان دخلها مرتفع وتستطيع تحمل تكاليف إحضار سائق يكلّفها مبالغاً طائلة لاستقدامه، أو استئجاره من شركات الاستقدام المحلية، والذي يصل راتبه الشهري حوالى 3 آلاف ريال، إضافة إلى مصاريف السكن والكهرباء والمياه، ونحن نعرف أن أسعار هذه الخدمات ارتفعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. ويظل السؤال مطروحاً؛ لماذا يستمر منع المرأة من قيادة السيارة في مجتمعنا؟

تغيرت الظروف الاقتصادية وأصبحت ضاغطة بشكل واضح، وستكون ضاغطة أكثر في المرحلة المقبلة، وعلى الجهات الرسمية التي اتخذت قرارات بإيقاف بعض البدلات على موظفي الدولة، وهم في الغالب من الطبقة المتوسطة، اتخاذ قرارات جريئة في ملفات اجتماعية ولها انعكاسات اقتصادية على المجتمع، فالمسألة لم تعد خصوصية محلية كما كان يدّعي معارضوها في الماضي، إذ لم يعد مقبولاً أن يتم خفض مداخيل الأفراد بنسبة تصل إلى النصف في بعضها والتردد في حسم قرارات اجتماعية مثل قيادة المرأة للسيارة وقضية الترفيه ومنها السينما، والتي فاجأنا رئيس هيئة الترفيه أن موضوع السينما ما زال ممنوعاً ومحل الدراسة، فقط نحتاج توازناً في القرارات في مشروع «الرؤية»، فلا يمكن أن تكون فقط اقتصادية بحتة، إذ إن لها انعكاسات اجتماعية خطرة، فإذا كنا على قناعة أن الدولة تعمل بشكل جاد لتنويع مصادر الدخل في اقتصادنا الوطني فعليها في المقام الأول مواكبة ذلك في رؤيتها للشأن الاجتماعي.

قضية قيادة المرأة للسيارة أصبحت حاجة ملحة لنا وليست ترفاً ومطالب نخبوية، أو موضوع صراع بين التيارات الفكرية، وأعتقد أنه في حال إقرار حق المرأة في قيادة السيارة في مجتمعنا فإنه سيوفر على اقتصادنا الوطني بلايين الريالات، وهذا أحد أهداف خطة «التقشف» المعلنة، فلماذا تكون القرارات اقتصادية بحتة وكأن قضايانا الاجتماعية ليس لها علاقة بها؟

أعتقد أن العامل الاقتصادي هو مفتاح الحل لهذه القضية الاجتماعية، إضافة إلى أنه في حال إقرارها فهي عملية اختيارية لن تفرضها الجهات الرسمية على الكل، ولكن أعطوا من يعانون اقتصادياً من تبعاتها أن يخففوا من تبعاتها الاقتصادية عليهم، ومن يعتقد أنها غير ملائمة له فله الحق أن يكون عنده عشرات السائقين، أما معظم الطبقة الوسطى فسيتخلصون من السائقين الخاصين لصعوبة ظروفهم الاقتصادية، وهذا أقل حق يمكن أن يحصلوا عليه، وحضرت نقاشاً حول هذا الموضوع وطرح البعض منهم تساؤلات منها؛ هل ستسمح لزوجتك أو ابنتك بقيادة السيارة؟ وكانت معظم الإجابات بـ«نعم»، بسبب التبعات الاقتصادية لإحضار سائق والتبعات المترتبة على ذلك.

بعضنا يعتقد أن شركات مثل «أوبر» و«كريم» كفيلة بحل المشكلة، وهناك من قال أن دولاً خليجية على رغم سماحها للمرأة بقيادة السيارة إلا أن هناك الكثير من العوائل يوجد لديها سائقاً خاصاً، أنا لا أرى إشكال في تعدد الحلول لهذه القضية، ولكن يجب أن يكون الأصل في السماح للمرأة بقيادة السيارة في مجتمعنا مع حرية التطبيق للمجتمع.

المصدر: الحياة