كان مفحطا..!

آراء

تحدثت عن مفحط شهير توفي أثناء «حفلة» تفحيط في اليوم الوطني وقلت إنه كان ـ رحمه الله ـ مؤذيا، ووجهت لي سهام النقد اعتراضا على وصفي إياه بذلك، ووجه الاعتراض هو أنه يجب أن نذكر محاسن موتانا، وأنه أفضى إلى ما قدم وأننا يجب أن نضع أنفسنا قبل الحديث في مكان والديه المكلومين.

وهذا رأي قد لا أختلف معه كثيرا، وأتعاطف مع والديه كثيرا، جبر الله قلبيهما، لكن مشكلتي مع هذا الرأي تكمن في نقطتين، أولاهما أنه لا بد أن يدرك المفحطون الأحياء أنه لن يذكرهم أحد بخير بعد أن يكفوا عن الحياة في ساحة التفحيط ـ أعني الشوارع العامة ـ الحديث عن قتلى التفحيط وكأنهم شهداء قد يكون فيه إيحاء بأن العمل الذي كانوا يقومون به عمل بطولي، وهذا أمر قد يغري غيرهم بالمغامرة واللحاق بركب الشهداء.

أما مشكلتي الثانية مع أصحاب هذا الرأي الجميل فهو أنه ليس رأيهم ـ أو أغلبهم على الأقل ـ في كل الذين يموتون.

أغلب هؤلاء يرون أن موت فنان لم يؤذ أحدا على خشبة المسرح سوء خاتمة، أما موت مفحط كان يؤذي الناس والطرقات فإنه أمر فيه نظر، ولا يحق لأحد أن يذكره بسوء، وأننا يجب أن نستذكر محاسنه ونخبر الناس بها لعلهم يهتدون.

ولست هنا بصدد الحديث عن هذه الانتكاسة في الفطرة الإنسانية، وأعلم ـ للأسف ـ أن كثيرين لن يعجبهم وصفي هذا الأمر بانتكاسة الفطرة.

وعلى أي حال..

جزاء الناس في الآخرة عند مالك يوم الدين الرحمن الرحيم، لكن الحياة في الأرض تحتاج لقوانين صارمة تردع كل من يؤذي الحياة والناس، والتفحيط إرهاب وفساد وانحراف، أيا كانت مبرراته وأسبابه. والتساهل في هذا الشأن لا يقل خطرا عن التساهل في أمر الإرهاب أو المخدرات، ولعل التفحيط يجمع الأمرين!

المصدر: صحيفة مكة