عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

كثافة «ساهر» وقلة الخدمات

آراء

نظام «ساهر» لرصد المخالفات الإلكترونية من الأنظمة الجديدة لدينا في المملكة، ويدور حوله الكثير من الجدل حول ماهية عمله ونظام الغرامات فيه التي تتراكم في حال عدم تسديدها في الموعد المحدد.

في إجازة العيد الماضية كانت لي تجربة مع نظام «ساهر» ومشاهداتي حوله، إذ سافرت إلى المنطقة الشرقية، وكما هو معروف أن الطريق الذي يربط بينها وبين العاصمة الرياض طريق سريع، لاحظت أن هناك تكثيفاً لكاميرات «ساهر» على هذا الطريق، وتوجد به كاميرات ثابتة في مواقع محددة، وهذا لا يمكن أن تعمل بفعالية لمساعدة قادة المركبات الأخرى الذين ينبهون بعضهم لوجود هذه الكاميرات، وهذا سلوك منتشر بيننا حتى داخل المدن، ولكن يلاحظ أن مركبات «ساهر» المتحركة موجودة بكثرة في الجزء القريب تجاه المنطقة الشرقية، والملاحظ أن وجود مركبات «ساهر» في مسافات متقاربة، وتكون عادة بعد منحنيات مفاجئة في الطريق، حتى لا تعطي المركبات المسرعة فرصة لخفض سرعتها، بل إن مركبات «ساهر» تقف على جانبي الطريق، وكأنها سيارات متعطلة، وهو ما لا يعطي أهمية لها من مرتادي الطريق، مثل هذه الآلية من القائمين على نظام «ساهر» تطرح العديد من الأسئلة ، ففي كل دول العالم تكون هناك مسافات متباعدة بين نقاط مراقبة السرعة، والهدف منها يكون لخلق سلوك لدى قائدي المركبات في أن هذه الأنظمة هي لحمايتهم من أخطار السرعة، وأثبتت دراسات عدة أن الكثير من قائدي هذه المركبات حتى لو كانوا يسيرون بسرعة تتجاوز الحد المسموح به، وعند معرفتهم بالإشارات التنبيهية بوجود هذه النقاط، فإنهم يسيرون بسرعة أقل بعدها.

على الجهات ذات العلاقة بهذا النظام، أن تثبت للمجتمع أن الهدف منه هو لمصلحتهم وحمايتهم وتعديل ممارسات القيادة المتهورة عند بعضنا، ولكن من مشاهداتي على طريق الرياض – الشرقية، يتضح أن بعضنا حوّل تعاطيه مع نظام «ساهر» إلى ساحة للتحدي والانتصار على هذا النظام، فلقد لاحظت بعض المركبات تتجاوز نقاط المراقبة بسرعة مذهلة، ولا يهتم سائقوها بكاميرات «ساهر»، إذ يقومون بطمس بعض أرقام لوحات مركباتهم كلياً أو جزئياً حتى يتعذر على هذه الأجهزة الإلكترونية التقاط أرقام مركباتهم، ومن لا يصدق ذلك فقد شاهدت مركبات مطموسة اللوحات تقف قبل مراكز نقاط التفتيش بمسافة كافية، ويقوم أصحابها بإزالة تلك اللواصق، وتجدهم بعد المراكز الأمنية يتوقفون ثانية، لإعادتها مرة ثانية.

وأنا أتساءل، كم من الوقت يستهلكون في هذه العمليات حتى يفلتوا من أجهزة المراقبة الإلكترونية؟ بل إن بعضنا يعطيك الكثير من النصائح والطرق والمواد التي يمكن استخدامها للهروب من كاميرات «ساهر» على طرقنا.

وقرأت أخيراً في إحدى المواقع الإلكترونية أن أحد الشبان السعوديين قام بتصميم برنامج إلكتروني يعمل بآلية محددة، تدل المشتركين في هذا الموقع على نقاط مراقبة نظام «ساهر» على مستوى المملكة، ولقد جذب ذلك الموقع بحسب ما نشر آلاف المشتركين في مدة قصيرة.

لا شك أن نظام «ساهر» عدَّل سلوك الكثيرين في شوارعنا، وهذا ما نلحظه داخل المدن، فمتى ما وجدت الالتزام بالإشارات المرورية والسرعة فاعلم أن هناك كاميرا لنظام «ساهر»، ومتى ما شاهدت الفوضى عند الإشارات المرورية فاعلم أن «ساهر» غائب عنها.

ولكن لكسب أفراد المجتمع وتوضيح الهدف من نظام «ساهر»، على الجهات المعنية بهذا النظام أن توضح وتقدم بالأدلة أن هدفها ليس جيوب قائدي المركبات، وهذه الصورة منتشرة بكثرة لدينا، وأن تعمل على نشر الإحصاءات حول تأثيره في تقليل الحوادث المرورية التي تؤكد أنها في ازدياد مذهل، وتحصد الآلاف كل عام. وملاحظة أخيرة على ما يلاقيه مستخدمو هذه الطرق لدينا، وهى كثافة وجود كاميرات «ساهر»، وضعف الخدمات الأخرى على تلك الطرق، مثل سوء وضع محطات الوقود والاستراحات، ووضع دورات المياه التي لا يمكن القول إلا أنها في حال مزرية، فلا يعقل مثلاً ألا توجد مراكز صحية على طرقنا الطويلة، فنحن نريد منظومة خدمات شاملة.

المصدر: صحيفة الحياة