«كعبة المضيوم».. منظور القيادة القطرية!

آراء

لا يفصلنا عن انتهاء المدة المقررة لالتزام السلطة في قطر وتنفيذ مطالب الدول المقاطعة سوى 3 أيام . مطالب لا تخدم مصر والسعودية والإمارات والبحرين فحسب، بل شعوب المنطقة بما فيها الشعب القطري الشقيق. مطالب تتمثل في الوقوف بوجه الإرهاب الذي لا يعرف ديناً أو لغة سوى لغة الدمار. دمار لا يستثني أحداً، حتى مَن يقوم بتمويله. وبدلا من الإنصات لصوت العقل، إذا بالقيادة في قطر ما زالت تسعى إلى تسطيح المشكلة ومحاولة إفراغها من محتواها بالتركيز على اعتبار أن هذه المقاطعة نوع من الحصار، وسعيٌ مِن قِبل هذه الدول لفرض وصايتها على السياسة القطرية وتجريدها من قرارها الوطني! هذه الوصاية التي ستحرم قطر مثلاً من أن تكون «كعبة المضيوم»!

فما هي «كعبة المضيوم»؟ وهل هي حكر على السلطة القطرية، أم أن لها مفاهيم أخرى؟ وكيف يمكن لمفهوم «كعبة المضيوم»، من منطلقات السلطة القطرية، أن تهدد شعبها كما هو الحال بالنسبة لشعوب الخليج والمنطقة؟

بدايةً يمكن النظر إلى مفهوم «كعبة المضيوم» على أنه «إغاثة الملهوف» في العادات والتقاليد العربية والقبلية. مفهوم لا شك أنه أمر محمود يلاقي قبولاً لدى الشعب القطري والعالم العربي والإسلامي. لكن إذا أخذنا الجانب المنطقي لهذا المصطلح في صورته الجميلة وأهدافه النبيلة، فيمكن أن نشير بأريحية إلى أن الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية قد سبقت القيادة القطرية بسنوات في تبنيها لهذا الهدف النبيل وكانت ولا تزال كعبة المضيوم. كذلك الحال ينطبق على بقية دول مجلس التعاون الخليجي، الكويت وعمان والإمارات والبحرين، فجميعها كانت ولا تزال كعبة مضيوم للعديد من مواطني العالم العربي منذ الستينيات والسبعينيات وحتى يومنا هذا، يعيشون في هذه الدول معززين مكرمين.

وإذا كانت القيادة القطرية تسعى لأن تكون الشقيقة قطر «كعبة المضيوم» في صورتها النبيلة هذه، فإنه لاشك أمر محمود وجزء أصيل من سياسات دول مجلس التعاون الخليجي الذي ظل على الدوام داعماً للأمة العربية والإسلامية.

لكن.. حين يكون من بين هؤلاء الذين استقروا في دولنا الخليجية عناصر ذات أجندات سياسية مرتبطين بتنظيمات إرهابية مثل تنظيم «الإخوان المسلمين»، ويسعون إلى ضرب القيمة الرئيسة لدول مجلس التعاون الخليجي بما فيه قطر، القيمة المتمثلة في طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم وشرعية السلطة التي على ضوئها تجلى العقد الاجتماعي، والذي بفضله صارت المنظومة الخليجية سداً منيعاً أمام ما أطلق عليه ثورات «الربيع العربي» الذي تعاني منه دوله أشد المعاناة.

عندها نقول إن القرار الخليجي الجماعي للوقوف في وجه هذه التنظيمات وعناصرها لا يعني على الإطلاق فرض وصاية أو سلباً للقرار الوطني، بل تجسيداً حقيقياً لكعبة المضيوم للأمن الوطني الخليجي، وكعبة المضيوم لحماية الشعوب الخليجية من هذه العناصر.

من هذا المنطلق اختارت الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون أن تصبح كعبة المضيوم لأمن دولها وللشعب الخليجي، وفي الوقت ذاته ظلت وفيةً لبُعدها العربي واستمرت كعبة مضيوم للمواطنين العرب، ولكن لمن يستحقها ويقدر أهمية احترام قوانينها والالتزام بها.

ويأتي السؤال هنا، وماذا عن منظور القيادة القطرية لكعبة المضيوم؟

هل يمكن اعتبار قطر كعبة مضيوم لشعبها وللشعب الخليجي والأمن الخليجي وهي تحتضن العناصر الإرهابية؟ كيف يمكن لقطر أن تكون كعبة مضيوم للأمن الخليجي وفي الوقت ذاته تدعم عناصر شكلت تهديداً ومارست تحريضاً ضد دول الخليج وقياداتها؟ هل هذه كعبة المضيوم التي يتطلع إليها الشعب القطري؟ ومن هو الأحق بأن تنظر له القيادة القطرية وتحتويه في كعبة المضيوم، الأمن الخليجي أم هذه العناصر الذي تهدد قطر كما تهدد بقية دول مجلس التعاون الخليجي؟

هل بعد كل ذلك ننظر إلى الأزمة على أنها فرض وصاية وسلب لقرار وطني أم تهديد للأمن الخليجي قاطبة؟ الإجابة لدى القارئ الكريم.

المصدر: الاتحاد