حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

كلها 60 يوما يا عرب

آراء

من أطرف المفارقات خلال عرض مشروع الرئيس أوباما على مجلس الشيوخ ما قام بالتقاطه مذيع شبكة CNN الشهير وولف بليتزر عندما ضبطت الكاميرا جون ماكين وهو يلعب «البوكر» على هاتفه. سأله بليتزر عن حيثيات وأسباب ما فعله رغم أهمية الحدث، فأجاب أنه يشعر بالملل أحيانا فيلجأ للمقامرة عبر «الآي فون» رغم أنه قد خسر فيها آلاف الدولارات.

لا أدري لماذا أشعر أن في هذه اللقطة دلالة بليغة على الفرق بين الذين يقامرون وهم يعرفون ماذا يفعلون، والمقامرين الأغبياء الذين يحرقون كل الأوراق وطاولة القمار وما فوقها وما تحتها وكل الذين حولها. سياسي أمريكي مثل جون ماكين يعرف أن كلفة إطلاق صاروخ واحد من فصيلة «توما هوك» تصل إلى 1.2 مليون دولار، وطالما بلده هي التي تقرر كم عدد الصواريخ التي تطلقها، وطالما هو يعرف كيف سيتم تحصيل فاتورتها أضعافا مضاعفة، فمن حقه أن يتسلى بالقمار على هاتف جوال ويبعثر بضعة آلاف طالما سيكون المردود بلايين لا تحصى.

لقد اختارت شبكة CNN لقضية استخدام القوة ضد النظام السوري عنوانا لا يمكن اختياره عبثا: (القضية الكبيرة The big story)، وهي بالفعل كذلك، فأمريكا مرت بتجارب عديدة في استخدام القوة العسكرية بدون طلب الموافقة من مجلس الشيوخ أو غيره، وهي تعرف الآن المزاج العام الأمريكي تجاه أي تورط عسكري تقوده أمريكا، ولو لم تكن الحسابات جيدة وفي غاية الأهمية لما مضى الرئيس أوباما وأصر على كسب التأييد من ممثلي الشعب الأمريكي، وبالمناسبة فإنهم كانوا يتحدثون بالدرجة الأولى عن: مصداقية أمريكا، مكانة أمريكا، رسالة أمريكا.

هذا الذي حدث في عرض مشروع الضربة على مجلس الشيوخ، رغم العرض الرديء لجون كيري الذي يفتقد أدنى مقومات البلاغة في الإقناع، وذلك ما أشار إليه «دافيد ليش» مؤلف كتاب (سوريا: سقوط بيت الأسد) حين وصف كلمة كيري بأنها أسوأ من سيئة.

إذا وافقت لجنة مجلس الشيوخ فإنها ستوافق على عملية لا تتعدى مدتها 60 يوما، و30 يوما اختيارية تقرر لاحقا، دون وجود أحذية على الأرض في إشارة إلى أن كل شيء سيتم على الهواء مباشرة. ولكم أن تتخيلوا ماذا ستفعل 60 يوما من زحمة السماء بصواريخ توما هوك!!

فشلتونا يا عرب.

حتى القمار لا تحسنونه مثل الخواجات رغم أنكم تصرفون أكثر منهم.

المصدر: عكاظ