كيف توسعت أميركا

آراء

من غير أميركا في هذا العصر ينطبق عليها ما قيل عن (المتنبي): (مالئة الدنيا وشاغلة: الناس)، لا أحد غيرهاولا أحد يضاهيها.ومن يقرأ تاريخ هذه الأميركا، يتعجب من توسعها وتوحدها الذي جاء بعضه بالصدفة، وبعضه بالحظ، وبعضه بالدماء. فنصف أميركا تقريًبا اشترته هي أو بيع لها، مثل شرائها (لفلوريدا) عام (1819 (من إسبانيا في عهد الملك (فيرناندو السابع) بمبلغ (5 (ملايين دولار. ومثل شرائها لألاسكا عام (1867 (من روسيا بمبلغ (2.7 (مليون دولار.

وقبلهما وأهم منهما هي الصفقة الكبرى التي أجرتها مع (نابليون) عام (1803 (فاشترت منه ما يعادل ثلث أميركا، وهي تمتد من المكسيك جنوًبا إلى كندا شمالاً، وهي التي يطلق عليها اسم (لويزيانا) وذلك بملغ (15( مليون دولار – أي (4 (سنتات للفدان الواحد ­، وقد استغل نابليون هذه الصفقة ليدعم جيشه في حربه ضد إنجلترا – وفي النهاية هزم – وأسر وطارت ملايين الصفقة خلال أيام، ثم نفي وحيًدا طريًدا إلى أن مات في جزيرة (هيلانه). وقد باع نابليون هذه الأرض، دون أن يعلم عن آبار البترول في أوكلاهوما، والغابات في أركنساس، وأراضي القطن الخصيبة في منيسوتا، وحقول القمح في أيوا، ومناجم النحاس في مونتانا، ومناجم الفضة والذهب في كولورادو، والأرز والسكر في لويزيانا، وباع الطريق النهري الثاني في العالم.

لقد باع أرًضا كان يمكن أن تطعم كل جيوش أوروبا في خلال خمسين عاًما، وتقدم لشعوبها كل ما تحتاجه ويخفف الضغط عليها. أما ما أخذته أميركا بالقوة من الأراضي فهي عندما ضمت (تكساس) من المكسيك عام (1848 (في حرب استمرت عامين، وأجبرت المكسيك بعدها على التخلي عن أكثر من نصف أراضيها بما في ذلك (كاليفورنيا) و(نيومكسيكو) والأجزاء المتنازع عليها من تكساس. وإلى وقت قريب كانت المكسيك تطالب أميركا بإرجاع الأراضي التي ضمتها، وتعتبر أن تلك الاتفاقية ظالمة ولاغية لأنها أرغمت عليها. وكان رد أميركا الذي يتسم بالبرودة الزائدة هو: أنه ليس لدينا أي مانع بإرجاع تلك الأراضي التي تدعي بها المكسيك – على شرط – أن تدفع ثمن كل ما استحدثناه بها من البنية التحتية والفوقية، وهي تشمل: الطرق، السكك الحديدية، المطارات، الموانئ، محطات الكهرباء وشبكاتها، الجسور والأنفاق، المحطات الفضائية، السدود والقنوات، شبكات المياه والصرف والصحي، والمدارس والجامعات والأندية الثقافية والسينمات والمسارح، والممتلكات الإنشائية للدولة، مخازن المحاصيل الزراعية، الملاعب الرياضية، المصانع على مختلف أنواعها وأحجامها، وغيرها وغيرها مما لا تحضرني الآن.وعندما فكرت المكسيك بهذا الشرط التعجيزي توقفت، لأن ذلك يعني أنها لو صرفت كل ما في ميزانيتهالمدة (500 (سنة كاملة، لن تكفي التسديد.

المصدر: الشرق الأوسط